الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ } * { يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { ٱللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ } * { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ }

{ وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ } ، يعنى يخاصمون، { فِي ٱللَّهِ } ، فهم اليهود، قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم بمكة، فقالوا للمسلمين: ديننا أفضل من دينكم، ونبينا أفضل من نبيكم، يقول: { مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ } ، يعنى لله فى الإيمان، { حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ } ، يقول: خصومتهم باطلة حين زعموا أن دينهم أفضل من دين الإسلام، { عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ } من الله، { وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } [آية: 16].

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } ، يقول: لم ينزله باطلاً لغير شىء، { وَٱلْمِيزَانَ } ، يعنى العدل، { وَمَا يُدْرِيكَ } يا محمد، { لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ } [آية: 17]، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر الساعة وعنده أبو فاطمة بن البحتري، وفرقد بن ثمامة، وصفوان بن أمية، فقالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: متى تكون الساعة؟ تكذيباً بها، فقال الله تعالى: { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ } ، يعنى القيامة، { قَرِيبٌ }.

{ يَسْتَعْجِلُ بِهَا } بالساعة، { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا } ، يعنى لا يصدقون بها، هؤلاء الثلاثة نفر، أنها كائنة؛ لأنهم لا يخافون ما فيها، { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا } ، يعنى بلال وأصحابه، صدقوا النبى صلى الله عليه وسلم بها، يعنى بالساعة؛ لأنهم لا يدرون على ما يهجمون منها، { وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ } الساعة أنها كائنة، ثم ذكر الذين لا يؤمنون بالساعة، فقال: { أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ } ، يعنى هؤلاء الثلاثة، يعنى يشكون فى القيامة، { لَفِي ضَلاَلَ بَعِيدٍ } [آية: 18]، يعنى طويل.

{ ٱللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ } ، البر منهم والفاجر، لا يهلكهم جوعاً حين قال:إِنَّا كَاشِفُو ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً } [الدخان: 15]، { يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْقَوِيُّ } فى هلاكهم ببدر، { ٱلْعَزِيزُ } [آية: 19] فى نقمته منهم.

{ مَن كَانَ يُرِيدُ } بعمله الحسن، { حَرْثَ ٱلآخِرَةِ } ، يقول: من كان من الأبرار يريد بعمله الحسن ثواب الآخرة، { نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } ، يعنى بلالاً وأصحابه حتى يضاعف له فى حرثه، يقول: فى عمله، { وَمَن كَانَ } من الفجار، { يُرِيدُ } بعمله { حَرْثَ ٱلدُّنْيَا } ، يعنى ثواب الدنيا، { نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ } ، يعنى الجنة لهؤلاء الثلاثة، { مِن نَّصِيبٍ } [آية: 20]، يعنى من حظ، ثم نسختها:مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ } [الإسراء: 18].