{ وَمِنْ آيَاتِهِ } أن يعرف التوحيد بصنعه، وإن لم تروه، { أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً } ، متهشمة غبراء لا نبت فيها، { فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ } ، يعني على الأرض المطر، فصارت حية، فأنبتت و { ٱهْتَزَّتْ } بالخضرة، { وَرَبَتْ } ، يقول: وأضعفت النبات، ثم قال: { إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا } بعد موتها، { لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ } في الآخرة، ليعتبر من يشك في البعث، { إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آية: 39] من البعث وغيره. قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا } ، يعني أبا جهل، يميل عن الإيمان بالقرآن، وبالأشعار والباطل، { لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ } ، يعني أبا جهل، وأخبر الله تعالى بمستقره في الآخرة، فقال: { أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ } ، يعني أبا جهل، خير { أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال لكفار مكة: { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } ،هذا وعيد، { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [آية: 40]، من الشرك وغيره. { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، يعني أبا جهل، { بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ } ، يعني به القرآن حين جاءهم، وهو أبو جهل وكفار مكة، { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } [آية: 41]، يقول: وإنه لقرآن منيع من الباطل، فلا يستذل، لأنه كلام الله. { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ } ، يقول: لا يأتى القرآن بالتكذيب، بل يصدق هذا القرآن الكتب التي كانت قبله: التوراة، والإنجيل، والزبور، ثم قال: { وَلاَ } يأتيه الباطل { مِنْ خَلْفِهِ } ، يقول لا يجيئه من بعده كتاب يبطله فيكذبه، بل هو { تَنزِيلٌ } ، يعني وحي، { مِّنْ حَكِيمٍ } في أمره، { حَمِيدٍ } [آية: 42] عند خلقه. ثم قال: { مَّا يُقَالُ لَكَ } يا محمد من التكذيب بالقرآن أنه ليس بنازل عليك، { إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ } من قومهم من التكذيب لهم أنه ليس العذاب بنازل بهم، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبرعلى الأذى والتكذيب، { إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ } ، يقول: ذو تجاوز في تأخير العذاب عنهم إلى الوقت، حين سألوا العذاب في الدنيا، وإذا جاء الوقت، { وَذُو عِقَابٍ } ، فهو ذو عقاب { أَلِيمٍ } [آية: 43]، يعني وجيع، كقوله:{ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ } [النساء: 104]، إن كنتم تتوجعون.