الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } * { نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } * { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } * { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ }

تقول الحفظة يومئذ للمؤمنين: { نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، ونحن أولياؤكم اليوم { وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا } ، يعني في الجنة، { مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } [آية: 31]، يعني ما تتمنون.

هذا الذي أعطاكم الله كان { نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } [آية: 32].

قوله: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ } ، يعني التوحيد، { وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [آية: 33]، يعني المخلصين، يعني النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ، وذلك أن أبا جهل كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي مبغضاً له، يكره رؤيته، فأمر بالعفو والصفح، يقول: إذا فعلت ذلك، { فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ } ، يعني أبا جهل، { كَأَنَّهُ وَلِيٌّ } لك في الدين، { حَمِيمٌ } [آية: 34] لك في النسب، الشفيق عليك.

ثم أخبر نبيه، عليه السلام: { وَمَا يُلَقَّاهَا } ، يعني لا يؤتاها، يعني الأعمال الصالحة، العفو والصفح، { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } على كظم الغيظ، { وَمَا يُلَقَّاهَآ } ، يعني لا يؤتاها، { إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } [آية: 35] نصيباً وافراً في الجنة، فأمره الله بالصبر، والاستعاذة من الشيطان في أمر أبي جهل.

{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ } ، يعني يفتننك في أمر أبي جهل والرد عنه، { مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ } ، يعني فتنة، { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } بالاستعاذة، { ٱلْعَلِيمُ } [آية: 36] بها، نظيرها في حم المؤمن:إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ } [غافر: 56]، وفي الأعراف أمر أبي جهل.

{ وَمِنْ آيَاتِهِ } أن يعرف التوحيد بصنعه، وإن لم تروه، { ٱللَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ } ، يعني الذي خلق هؤلاء الآيات، { إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [آية: 37]، فسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون يومئذ، فقال كفار مكة عند ذلك: بل نسجد للات، والعزى، ومناة.

يقول الله تعالى: { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ } عن السجود لله، { فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ } من الملائكة، { يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ } [آية: 38]، يعني لا يملون من الذكر له والعبادة، وليست لهم فترة ولا شآمة.