فذلك قوله تعالى: { فَأَرْسَلْنَا } ، فأرسل الله { عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } ، يعني باردة، { فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } ، يعني شداداً وكانت ريح الدبور فأهلكتهم، فذلك قوله: { لِّنُذِيقَهُمْ } ، يعني لكي نعذبهم، { عَذَابَ ٱلْخِزْيِ } ، يعني الهوان، { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، فهو الريح، { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ } ، يعني أشد وأكثر إهانة من الريح التي أهلكتهم في الدنيا، { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } [آية: 16]، يعني لا يسمعون من العذاب. قال عبدالله: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول: الصرصر، الريح الباردة التي لها صوت. ثم ذكر ثمود، فقال: { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } ، يعني بينا لهم، { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } ، يقول: اختاروا الكفر على الإيمان، { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ } ، يعني صيحة جبريل، عليه السلام، { ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [آية: 17]، يعني يعملون من الشرك. ثم قال: { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعني صدقوا بالتوحيد من العذاب الذي نزل بكفارهم، { وَكَانُواْ يتَّقُونَ } [آية: 18] الشرك. قوله: { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } [آية: 19]، نزلت في صفوان بن أمية الجمحي، وفي ربيعة، وعبد باليل ابنى عمرو الثقفيين [.....]، إلى خمس آيات، ويقال: إن الثلاثة نفر: صفوان بن أمية، وفرقد بن ثمامة، وأبو فاطمة، { فَهُمْ يُوزَعُونَ } ، يعني يساقون إلى النار، تسوقهم خزنة جهنم. { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا } ، يعني النار وعاينوها، قيل لهم: أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون في الدنيا؟ قالوا عند ذلك{ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، فختم الله على أفواههم، وأوحى إلى الجوارح فنطقت بما كتمت الألسن من الشرك، فذلك قوله: { شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم } وأيديهم، وأرجلهم، { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [آية: 20] من الشرك.