الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } * { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ }

{ وَكَذَلِكَ } يعنى وهكذا عذبتهم، وكذلك { حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } يقول: وجبت كلمة العذاب من ربك { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [آية: 6] حين قال لإبليس:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ص: 85].

قوله: { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ } فيها إضمار، وهم أول من خلق الله تعالى من الملائكة وذلك أن الله تبارك وتعالى قال فى سورة " حم عسق "وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ } [الشورى: 5] فاختص فى " حم " المؤمن، من الملائكة حملة العرش { وَمَنْ حَوْلَهُ } يقول: ومن حول العرش من الملائكة، واختص استغفار الملائكة بالمؤمنين من أهل الأرض، فقال: { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } يقول: يذكرون الله بأمره { وَيُؤْمِنُونَ بِهِ } ويصدقون بالله عز وجل بأنه واحد لا شريك له { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } حين قالوا: { فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ } [غافر:7].

وقالت الملائكة: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ } يعنى ملأت كل شىء من الحيوان فى السماوات والأرض { رَّحْمَةً } يعنى نعمة يتقبلون فيها { وَعِلْماً } يقول: علم من فيهما من الخلق، وقالوا: { فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ } من الشرك { وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } يعنى دينك { وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } [آية: 7].

{ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ } على ألسنة الرسل { وَ } أدخل معهم الجنة { وَمَن صَـلَحَ } يعنى من وحد الله من الذين آمنوا { مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } من الشرك { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [آية: 8].

ثم قال: { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ } يعنى الشرك { وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ } فى الدنيا { يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ } يومئد فى الآخرة { وَذَلِكَ } الذى ذكر من الثواب { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [آية: 9].

قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } [آية: 10] وذلك أن الكفار إذا عاينوا النار فى الآخرة ودخلوها مقتوا أنفسهم، فقالت لهم الملائكة، وهم خزنة جهنم يومئذ: لمقت الله إياكم فى الدنيا حين دعيتم إلى الإيمان، يعنى التوحيد فكفرتم أكبر من مقتكم أنفسكم.