الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } * { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } * { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } * { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ذُو ٱلْعَرْشِ يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ }

{ قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ } يعنى كانوا نطفاً فخلقهم فهذه موتة وحياة، وأماتهم عند آجالهم، ثم بعثهم فى الآخرة، فهذه موتة وحياة أخرى، فهاتان موتتان وحياتان { فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا } بأن البعث حق { فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } [آية: 11] قالوا: فهل لنا كرة إلى الدنيا مثلها فى " حم عسق ".

قوله: { ذَلِكُم } المقت فى التقديم إنما كان { بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ } يعنى إذا ذكر الله { وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ } به يعنى بالتوحيد { وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ } يعنى وإن يعدل به تصدقوا، ثم قال: { فَٱلْحُكْمُ } يعنى القضاء { للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ } يعنى الرفيع فوق خلقه { ٱلْكَبِيرِ } [آية: 12] يعنى العظيم فلا شىء أعظم منه.

قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ } يعنى السماوات والأرض، والشمس، والقمر، والنجوم، والرياح، والسحاب، والليل، والنهار، والفلك فى البحر، والنبت، والثمار عاماً بعام { وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً } يعنى المطر { وَمَا يَتَذَكَّرُ } فى هذا الصنع فيوحد الرب تعالى { إِلاَّ مَن يُنِيبُ } [آية: 13] إلا من يرجع.

ثم أمر المؤمنين بتوحيده، فقال عز وجل: { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ } يعنى موحدين { لَهُ ٱلدِّينَ } يعنى التوحيد { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } [آية: 14] من أهل مكة، ثم عظم نفسه عن شركهم، فقال عز وجل: { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ } يقول: أنا فوق السماوات لأنها ارتفعت من الأرض سبع سماوات { ذُو ٱلْعَرْشِ } يعنى هو عليه، يعنى على العرش { يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ } يقول: ينزل الوحى من السماء بإذنه { عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } من الأنبياء { لِيُنذِرَ } النبيون بما فى القرآن من الوعيد { يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } [آية: 15] يعنى يوم يلتقي الخالق والخلائق.