الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } * { وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً }

ثم وعظهم، فقال سبحانه: { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ } ، يعنى أفلا يسمعون { ٱلْقُرْآنَ } فيعلمون أنه، { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } [آية: 82]، يعنى كذباً كبيراً؛ لأن الاختلاف فى قول الناس، وقول الله عز وجل لا اختلاف فيه، { وَإِذَا جَآءَهُمْ } ، يعنى المنافقين، { أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ } ، يعنى شيئاً من الأمر يسر المؤمنين من الفتح والخير، قصروا عما جاءهم من الخير.

ثم قال سبحانه: { أَوِ ٱلْخَوْفِ } ، يعنى فإن جاءهم بلاء أو شدة نزلت بالمؤمنين، { أَذَاعُواْ بِهِ } ، يعنى أفشوه، فإذا سمع ذلك المسلمون كاد أن يدخلهم الشك، { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ } حتى يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما كان من الأمر أو ردوه، { وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ } ، يقول: أمراء السرايا، فيكونون هم الذين يخبرون ويكتبون به، { لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ، يعنى الذين يتبينونه منهم، يعنى الخير على وجهه، ويحبوا أن يعلموا ذلك فيعلمونه، ثم قال سبحانه: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } ، يعنى ونعمته فعصمكم من قول المنافقين، { لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } [آية: 83]، نزلت فى أناس كانوا يحدثون أنفسهم بالشرك.

ثم قال عز وجل: { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، فأمره أن يقاتل بنفسه، { لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ } ، يعنى ليس عليك ذنب غيرك، { وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، يعنى وحرض على القتال، يعنى على قتال العدو، { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ } ، يعنى قتال { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً } ، يعنى أخذاً، { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } [آية: 84]، يعنى نكالاً، يعنى عقوبة من الكفار، ولو لم يطع النبى صلى الله عليه وسلم أحداً من الكفار، لكفاه الله عز وجل.