الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } * { وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أُوْلَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً }

قوله سبحانه: { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } ، يعنى اليهود، { حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } ، يعنى فى الأنعام، يعنى اللحوم والشحوم وكل ذى ظفر لهم حلال، فحرمها الله عز وجل عليهم بعد موسى، { وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } [آية: 160]، فيها إضمار، يقول: { وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } ، يعنى دين الإسلام، وعن محمد صلى الله عليه وسلم، { وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } ، وهو محرم بغير حق، { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ } ، يعنى اليهود { عَذَاباً أَلِيماً } [آية: 161]، يعنى وجيعاً، فهذا الظلم الذى ذكره فى هذه الآية.

ثم ذكر مؤمنى أهل التوراة، فقال سبحانه: { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ } ، وذلك أن عبدالله بن سلام وأصحابه، قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: إن اليهود لتعلم أن الذى جئت به حق، وأنك لمكتوب عندهم فى التوراة، فقالت اليهود: ليس كما تقولون، وإنهم لا يعلمون شيئاً، وإنهم ليغرونك ويحدثونك بالباطل، فقال الله عز وجل: { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ } ، يعنى المتدارسين علم التوراة، يعنى ابن سلام وأصحابه، { مِنْهُمْ } ، يعنى من اليهود، { وَٱلْمُؤْمِنُونَ } ، يعنى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من غير أهل الكتاب، { يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ } من القرآن، { وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } من الكتب على الأنبياء: التوراة والإنجيل.

ثم نعتهم، فقال سبحانه: { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } ، يعنى المعطون الزكاة، { وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أنه واحد لا شريك له، والبعث الذى فيه جزاء الأعمال، { أُوْلَـۤئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً } ، يعنى جزاء { عَظِيماً } [آية: 162].