الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً } * { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } * { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً }

{ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من الخلق عبيده، وفى ملكه، { وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً } [آية: 126]، يعنى أحاط علمه، { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ } نزلت فى سويد وعرفطة ابنى الحارث، وعيينة ابن حصن الفزارى، ذلك أنه لما فرض الله عز وجل لأم كحة وبناتها الميراث انطلق سويد وعرفطة وعيينة بن حصن الفزارى إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: إن المرأة لا تركب فرساً ولا تجاهد، وليس عند الولدان الصغار منفعة فى شىء، فأنزل الله عز وجل فيهم: { وَيَسْتَفْتُونَكَ } ، يعنى يسألونك عن النساء، يعنى سويداً وصاحبيه، { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَابِ } ، يعنى ما بين من القسمة فى أول هذه السورة، قال: ويفتيكم { فِي يَتَامَى ٱلنِّسَآءِ } ، يعنى بنات أم كحة { ٱلَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } ، يعنى ما فرض لهن من أنصبائهن من الميراث فى أول السورة.

ثم قال عز وجل: { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } ، يعنى بنات أم كحة، وكان الرجل يكون فى حجره اليتيمة ولها مال، ويكون فيها موق، فيرغب عن تزويجها، ويمنعها من الأزواج من أجل ما لها رجاء أن تموت فيرثها، فذلك قوله عز وجل: { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } لدمامتهن، { وَ } يفتيكم فى { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَانِ } أن تعطوهم حقوقهم، وكانوا لا يورثونهم { وَ } يفتيكم { وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَىٰ } فى الميراث { بِٱلْقِسْطِ } ، يعنى بالعدل، { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } مما أمرتم به من قسمة المواريث، { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } [آية: 127] فيجزيكم به.

{ وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ } ، واسمها خويلة بنت محمد بن مسلمة، { خَافَتْ } ، يعنى علمت { مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً } ، يعنى زوجها، { أَوْ إِعْرَاضاً } عنها لما بها من العلة إلى الأخرى، نزلت فى رافع بن خديج الأنصارى وفى امرأته خويلة بنت محمد بن مسلمة الأنصارى، وذلك أن رافعاً طلقها ثم راجعها وتزوج عليها أشب منها، وكان يأتى الشابة ما لا يأتى الكبيرة، يقول: { فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ } الزوج والمرأة الكبيرة { أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً } أن ترضى المرأة الكبير بما له، على أن يأتى الشابة ما لا يأتى الكبيرة، يقول: فلا بأس بذلك فى القسمة، فذلك قوله عز وجل: { وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ } من المفارقة، { وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ } ، يعنى الحرص على المال، يعنى الكبيرة يرضيها الزوج من بعض ماله، فتحرص على المال وتدع نصيبها من زوجها، { وَإِن تُحْسِنُواْ } الفعل فلا تفارقها، { وَتَتَّقُواْ } الميل والجور، { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } [آية: 128] فى أمرهن من الإحسان والجور.

ثم قال عز وجل: { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ } فى الحب أن يستوى حبهن فى قلوبكم، { وَلَوْ حَرَصْتُمْ } ، فلا تقدرون على ذلك، { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ } إلى التى تحب، وهى الشابة، { فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ } ، أى فتأتيها وتذر الأخرى، يعنى الكبيرة كالمعلقة، لا أيم ولا ذات بعل، ولكن اعدلوا فى القسمة، { وَإِن تُصْلِحُواْ } أمرهن { وَتَتَّقُواْ } الميل والجور، { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً } حين ملت إلى الشابة برضى الكبيرة، { رَّحِيماً } [آية: 129] بك حين رخص لك فى الصلح، فإن أبت الكبيرة الصلح إلا أن تسوى بينها وبين الشابة أو تطلقها كان ذلك لها.

السابقالتالي
2