الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } * { لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } * { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }

ثم أخبر بمستقر من لا يتولى الشيطان، فقال: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً } ، يعنى صدقاً أنه منجز لهم ما وعدهم، { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } [آية: 122]، فليس أحد أصدق قولاً منه عز وجل فى أمر الجنة والنار والبعث وغيره، { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } ، نزلت فى المؤمنين واليهود والنصارى، قالت اليهود: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، فنحن أهدى وأولى بالله منكم، وقالت النصارى: نبينا كلمة الله وروح الله وكلمته، وكان يحيى الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، وفى كتابنا العفو، وليس فيه قصاص، فنحن أولى بالله منكم معشر اليهود ومعشر المسلمين.

فقال المسلمون: كذبتم، كتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وآمنا بنبيكم وكتابكم، وكذبتم نبينا وكتابنا، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم، ونعمل بكتابنا، فنحن أهدى منكم وأولى منكم، فأنزل الله عز وجل: { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } معشر المؤمنين { وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } [آية: 123].

{ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } [آية: 124]، { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } ، نزلت فى المؤمنين مجازات الدنيا تصيبهم فى النكبة بحجر، والضربة واختلاج عرق أو خدش عود، أو عثرة قدم فيدميه أو غيره، فبذنب قدم وما يعفو الله عنه أكبر، فذلك قوله سبحانه:وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [الشورى: 30]، ثم قال: { وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً } ، يعنى قريباً ينفعه، { وَلاَ نَصِيراً } يعنى ولا مانعاً يمنعه من الله عز وجل.

فلما افتخرت اليهود على المؤمنين بالمدينة بين الله عز وجل، أمر المؤمنين، فقال سبحانه: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } بتوحيد الله عز وجل، { فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } ، يعنى ولا ينقصون من أعمالهم الحسنة نقيراً حتى يجازوا بها، يعنى النقير الذى فى ظهر النواة التى تنبت منه النخلة.

ثم اختار من الأديان دين الإسلام، فقال عز وجل: { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله } ، يعنى أخلص دينه لله، { وَهُوَ مُحْسِنٌ } فى علمه، { واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } ، يعنى مخلصاً، { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } [آية: 125]، يعنى محباً، وأنزل الله عزوجل فيهم:هَـٰذَانِ خَصْمَانِ } يعنى كفار أهل الكتاب،ٱخْتَصَمُواْ } يعنى ثلاثتهم: المسلمين واليهود والنصارى،فِي رَبِّهِمْ } أنهم أولياء الله، ثم أخبر بمستقر الكافر، فقال:فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارِ } [الحج: 19]، يعنى جعلت لهم ثياب من نار، إلى آخر الآية، ثم أخبر سبحانه بمستقر المؤمنين، فقال: { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ.

السابقالتالي
2