الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَـلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ } * { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَـانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ } * { قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

{ إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } يعنى القرآن { لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ } بالقرآن { فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَـلَّ } عن الإيمان بالقرآن { فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } يقول: فضلالته على نفسه، يعنى إثم ضلالته على نفسه { وَمَآ أَنتَ } يا محمد { عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ } [آية: 41] يعنى بمسيطر نسختها آية السيف.

{ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا } يقول: عند أجلها، يعنى التى قضى الله عليها الموت، فيمسكها على الجسد فى التقديم { وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا } فتلك الأخرى التى يرسلها إلى الجسد { فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ } لعلامات { لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [آية: 42] فى أمر البعث.

{ أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَ } نزلت فى كفار مكة زعموا أن للملائكة شفاعة { قُلْ } لهم: يا محمد { أَوَلَوْ } يعنى إن { كَـانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً } من الشفاعة { وَلاَ يَعْقِلُونَ } [آية: 43] أنكم تعبدونهم نظيرها فى الأنعام.

{ قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً } فجميع من يشفع إنما هو بإذن الله، ثم عظم نفسه، فقال: { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } وما بينهما من الملائكة وغيرهم عبيده وفى ملكه { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [آية: 44].

{ وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ } يعنى انقبضت، ويقال: نفرت عن التوحيد { قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } يعنى لا يصدقون بالعبث الذى فيه جزاء الأعمال، يعنى كفار مكة { وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ } عبدوا { مِن دُونِهِ } من الآلهة { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [آية: 45] بذكرها وهذا يوم قرأ النبى صلى الله عليه وسلم سورة النجم بمكة، فقرأ: { ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } تلك الغرانيق العلى، عندها شفاعة ترتجى، ففرح كفار مكة حين سمعوا أن لها شفاعة.