الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } * { وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي } * { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } * { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ } * { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ } * { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } * { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ }

{ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ } وذلك أن كفار قريش قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على الذى أتيتنا به، ألا تنظر إلى ملة أبيك عبد الله، وملة جدك عبدالمطلب، وإلى سادة قومك يعبدون اللات والعزى ومناة، فتأخذ به، فأنزل الله تبارك وتعالى: { قُلْ } يا محمد { إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ } يعنى أن أوحد الله { مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } [آية: 11] يعنى له التوحيد.

{ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [آية: 12] يعنى المخلصين بتوحيد الله عز وجل { قُلْ } لهم { إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } فرجعت إلى ملة آبائى { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [آية: 13].

{ قُلِ } لهم يا محمد { ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً } موحداً { لَّهُ دِينِي } [آية: 14] { فَٱعْبُدُواْ } أنتم { مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ } من الآلهة ونزل فيهم أيضاً:قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ } [الزمر: 64] { قُلْ } يا محمد { إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ } يعنى غبنوا { أَنفُسَهُمْ } فصاروا إلى النار { وَأَهْلِيهِمْ } يعنى وخسروا أهليهم من الأزواج والخدم { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ } يعنى هذا { هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } [آية: 15] يعنى البين حين لم يوحدوا ربهم يعنى وأهليهم فى الدنيا.

ثم قال: { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ } يعنى أطباق من النار فتلهب عليهم { وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } يعنى مهاداً من نار { ذَلِكَ } يقول: هذا الذى ذكر من ظل النار { يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ } [آية: 16] يعنى فوحدون.

{ وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ } يعنى الأوثان، وهى مؤنثة { أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } يعنى ورجعوا من عبادة الأوثان إلى عبادة الله عز وجل، فقال تعالى: { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ } يعنى الجنة { فَبَشِّرْ عِبَادِ } [آية: 17] فبشر عبادى بالجنة.

ثم نعتهم، فقال: { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ } يعنى القرآن { فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } يعنى أحسن ما فى القرآن من طاعة الله عز وجل، ولا يتبعون المعاصى مثل قوله: { وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ } أى من طاعته { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ } لدينه { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُو ٱلأَلْبَابِ } [آية: 18] يعنى أهل اللب والعقل حين يستمعون فيتبعون أحسنه من أمره ونهيه، يعنى أحسن ما فيه من أمره ونهيه، ولا يتبعون السوء الذى ذكره عن غيرهم.

{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ } يعنى وجب عليه { كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ } يعنى يوم قال لإبليس:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [هود: 119]، { أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } [آية: 19] { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } وحدوا { رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } ثم نعت الغرف، فقال: { مَّبْنِيَّةٌ } فيها تقديم { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا } تجرى العيون من تحت الغرف، يعنى أسفل منها { ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ } هذا الخير { لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ } [آية: 20] ما وعدهم.