الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ } * { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } * { رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ } * { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ } * { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } * { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } * { وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } * { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ }

{ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ } يعنى بالصفن إذا رفعت الدابة إحدى يديها فتقوم على ثلاث قوائم، ثم قال: { ٱلْجِيَادُ } [آية: 31] يعنى السراع، مثل قوله:فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ } [الحج: 36]، معلقة قائمة على ثلاث، وذلك أن سليمان، عليه السلام، صلى الأولى، ثم جلس على كرسيه لتعرض عليه الخيل وعلى ألف فرس كان ورئها من أبيه داود، عليه السلام، وكان أصابها من العمالقة، فعرض عليه منها تسع مائة، فغابت الشمس ولم يصل العصر.

فذلك قوله: { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ } يعنى المال، وهو الخيل الذى عرض عليه { عَن ذِكْرِ رَبِّي } يعنى صلاة العصر، كقوله:رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [النور: 37]، يعنى الصلوات الخمس، { حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } [آية: 32] والحجاب جبل دون " ق " بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه.

ثم قال: { رُدُّوهَا عَلَيَّ } يعنى كروها على { فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ } [آية: 33] يقول: فجعل يسمح بالسيف سوقها وأعناقها فقطعها، وبقى منها مائة فرس، فما كان فى أيدى الناس اليوم فهى من نسل تلك المائة.

قوله: { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ } يعنى بعدما ملك عشرين سنة، ثم ملك أيضاً بعد الفتنة عشرين سنة، فذلك أربعين يقول: لقد ابتلينا سليمان أربعين يوماً { وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ } يعنى سريره { جَسَداً } يعنى رجلاً من الجن يقال له: صخر بن غفير بن عمرو بن شرحبيل، ويقال: إن إبليس جده، ويقال أيضاً اسمه أسيد { ثُمَّ أَنَابَ } [آية: 34] يقول: ثم رجع بعد أربعين يوماً إلى ملكه وسلطانه

، وذلك أن سليمان غزا العمالقة، فسبى من نسائهم، وكانت فيهم ابنة ملكهم، فاتخذها لنفسه فاشتقات إلى أبيها، وكان بها من الحسن والجمال حالاً يوصف فحزنت وهزلت وتغيرت، فأنكرها سليمان أن يتخذ لها شبيه أبيها، فاتخذ لها صنماً على شبه أبيها، فكانت تنظر إليه فى كل ساعة، فذهب عنها ما كانت تجد، فكانت تكنس ذلك البيت وترشه، حتى زين لها الشيطان فعبدت ذلك الصنم بغير علم سليمان لذلك، كانت لسليمان جارية من أوثق أهله عنده قد كان وكاها بخاتمه وكان سليمان لا يدخل الخلاء، حتى يدفع خاتمه إلى تلك الجارية، وإذا أتى بعض نسائة فعل ذلك، وأن سليمان أراد ذات يوم أن يدخل الخلاء، فجاء صخر فألقاه فى البحر وجلس صخر فى ملك سليمان، وذهب عن سليمان البهاء، والنور فخرج يدور فى قرى بنى إسرائيل، فكلما آتى سليمان قوماً رجموه وطردوه تعظيماً لسليمان، عليه السلام، وكان سليمان إذا ليس خاتمه سجد له كل شىء يراه من الجن والشياطين وظله الطير، وكان خرج فى ملكه فى ذى القعدة، وعشر ذى الحجة، ورجع إلى ملكه يوم النحر.

السابقالتالي
2