قال جل وعز: { فَٱسْتَفْتِهِمْ } يقول سلهم { أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً } نزلت فى أبى الأشدين واسمه أسيد من كلدة بن خلف الجمحى، وإنما كنى أبا الاشدين لشدة بطشه، وفى ركانه بن عبد يزيد بن هشام بن عبد مناف، يقول: سل هؤلاء أهم أشد خلقاً بعد موتهم لأنهم كفروا بالبعث { أَم مَّنْ خَلَقْنَآ } يعنى خلق السماوات والأرض، وما بينهما والمشارق، لأنهم يعملون أن الله جل وعز خلق هذه الأشياء، ثم أخبر عن خلق الإنسان، فقال جل وعز: { إِنَّا خَلَقْنَاهُم } يعنى أدم { مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } [آية: 11] يعنى لازب بعضه فى البعض فهذا أهون خلقاً عند هذا المكذب بالبعث من خلق السماوات والأرض وما بينهما والمشارق، ونزلت فى أبى الأشدين أيضاً{ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً } بثعاً بعد الموت{ أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا } [النازعات: 27]. ثم قال: { بَلْ عَجِبْتَ } يا محمد من القرآن حين أوحى إليك نظيرها فى الرعد:{ وَإِن تَعْجَبْ } من القرآن{ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } [الرعد: 5]، فاعجب من قولهم بتكذيبهم بالبعث، ثم قال جل وعز: { وَيَسْخُرُونَ } [آية: 12] يعنى كفار مكة سخروا من النبى صلى الله عليه وسلم حين سمعوا منه القرآن. ثم قال: { وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ } [آية: 13] وإذا وعظوا بالقرآن لا يتعظون { وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً } يعنى انشقاق القمر بمكة فصار نصفين { يَسْتَسْخِرُونَ } [آية: 14] سخروا، فقالوا: هذا عمل السحرة. فذلك قوله عز وجل: { وَقَالُوۤاْ إِن هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } [آية: 15] نظيرها اقتربت الساعة:{ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } [القمر: 2].