الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } * { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } * { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ }

{ فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ } كفار مكة { إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } من التكذيب { وَمَا يُعْلِنُونَ } [آية: 76] يظهرون من القول بألستنهم حين قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: كيف يبعث الله هذا العظم علانية، نزلت فى أبى ابن خلف الجمحى فى أمر العظم، وكان قد أضحكهم بمقالته فهذا الذى أعلنوا، وذلك " أن أبا جهل، والوليد بن المغيرة، وعتبة وشيبة ابنى ربيعة، وعقبة، والعاص بن وائل، كانوا جلوساً، فقال لهم أبى بن خلف، قال لهم فى نفر من قريش: إن محمداً يزعم أن الله يحيى الموتى، وأنا آتيه بعظم فأساله كيف يبعث الله هذا؟ " فانطلق أبى بن خلف فأخذ عظماً بالياً، حائلاً نخراً، فقال: يا محمد، تزعم أن الله يحيى الموتى بعد إذ بليت عظامنا وكنا تراباً تزعم أن الله يبعثنا خلقاً جديدً، ثم جعل يفت العظام، ثم يذريه فى الريح، ويقول: يا محمد من يحيى هذا؟ فقال صلى لله عليه وسلم: " يحيى الله عز وجل هذا، ثم يميتك، ثم يبعثك، ثم يدخلك نار جهنم " ".

فأنزل الله عز وجل فى أبى بن خلف: { أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ } يعنى أولم يعلم الإنسان { أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ } [آية: 77] بين الخصومة فيما يخاصم النبى صلى الله عليه وسلم عن البعث، ثم قال: { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً } وصف لنا شبها فى أمر العظم { وَنَسِيَ خَلْقَهُ } وترك المنظر فى بدء خلق نفسه إذ خلق من نطفة، ولم يكن قبل ذلك شيئاً فـ { قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [آية: 78] يعنى بالية.

{ قُلْ } يا محمد لأبى { يُحْيِيهَا } يوم القيامة { ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ } خلقها { أَوَّلَ مَرَّةٍ } من الدنيا ولم تك شيئاً { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [آية: 79] عليم بخلقهم فى الدنيا عليم بخلقهم فى الآخرة بعد الموت خلقاً جديداً.

{ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ } [آية: 80] فالذى يخرج من الشجر الأخضر النار، فهو قادر على البعث، ثم ذكر ما هو أعظم خلقاً من خلق الإنسان.