الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } * { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ }

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } أعطيناه العلم والفهم من غير نبوة فهذه نعمة، فقلنا له: { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ } عز وجل في نعمه، فيما أعطاك من الحكمة، { وَمَن يَشْكُرْ } لله تعالى في نعمه، فيوحده { فَإِنَّمَا يَشْكُرُ } يعني فإنما يعمل الخير، { لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ } النعم، فلم يوحد ربه عز وجل، { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ } عن عبادة خلقه { حَمِيدٌ } [آية: 12] عن خلقه في سلطانه.

{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ } واسم ابنه أنعم { وَهُوَ يَعِظُهُ } يعني عز وجل يؤدبه، { يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ } معه غيره { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [آية: 13] كان ابنه وامرأته كفاراً، فما زال بهما حتى أسلما، وزعموا أن لقمان كان ابن خالة أيوب، صلى الله عليه.

حدثنا عبيدالله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة بن دعامة، قال: كان لقمان رجلاً أفطس من أرض الحبشة، قال هذيل: ولم أسمع مقاتلاً.

{ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ } سعد بن أبي وقاص بوالديه، يعني أباه اسمه مالك، وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ } حمنة { وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ } يعني ضعفاً على ضعف { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي } يعني الله عز وجل أن هداه للإسلام { وَ } اشكر { وَلِوَالِدَيْكَ } النعم فيما أولياك { إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } [آية: 14] فأجزيك بعملك.

قال تعالى: { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } لا تعلم بأن معي شريكاً { فَلاَ تُطِعْهُمَا } في الشرك { وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً } يعني بإحسان، ثم قال لسعد، رضي الله عنه: { وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } يعني دين من أقل إلى، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } في الآخرة { فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [آية: 15] وقال ابن لقمان أنعم لأبيه: يا أبت، إن عملت بالخطيئة حيث لا يرانى أحد كيف يعلمه الله، عز وجل، فرد عليه لقمان، عليه السلام:

{ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ } يعني وزن ذرة { مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ } التي في الأرض السفلى، وهي خضراء مجوفة لها ثلاث شعب على لون السماء، { أَوْ } تكن الحبة { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } السبع { أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ } يعني بتلك الحبة { إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ } باستخراجها { خَبِيرٌ } [آية: 16] بمكانها.

{ يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ } يعني التوحيد { وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } يعني الشر الذي لا يعرف { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ } فيهما من الأذى { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [آية:17] يقول: إن ذلك الصبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حق الأمور التي أمر الله عز وجل بها، وعزم عليها.

{ وَ } قال لقمان لابنه: { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } يقول: لا تعرض وجهك عن فقراء الناس إذا كلموك فخراً بالخيلاء والعظمة، { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [آية: 18] يعني عز وجل كل بطر مرح فخور في نعم الله تعالى لا يأخذها بالشكر.

السابقالتالي
2