الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ }

ثم أخبرهم عن خلق أنفسهم ليتفكر المكذب بالعبث في خلق نفسه، فقال عز وجل: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } يعنى من نطفة { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ } يعنى شدة تمام خلقه { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً } يقول: فجعل من بعد قوة الشباب الهرم { وَ } جعل { وَشَيْبَةً } يعنى الشمط { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } يعنى هكذا يشاء أن يخلق الإنسان كما وصف خلقه، ثم قال: { وَهُوَ } يعنى الرب نفسه جلا جلاله { ٱلْعَلِيمُ } يعنى العالم بالبعث { ٱلْقَدِيرُ } [آية: 54] يعنى القادر عليه.

ثم قال عز وجل: { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ } يعنى يوم القيامة { يُقْسِمُ } يعنى يحلف { ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ } في القبور { غَيْرَ سَاعَةٍ } وذلك أنهم استلقوا ذلك، يقول الله عز وجل: { كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } [آية: 55] يقول: هكذا كانوا يكذبون بالبعث فى الدنيا، كما كذبوا أنهم لم يلبثوا فى قبورهم إلا ساعة، { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ } للكفار يوم القيامة: { لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ } فهذا قول مالك الموت لهم فى الآخرة.

ثم قال: { فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ } الذى كنتم به تكذبون أنه غير كائن { وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [آية: 56] كم لبثتم في القبور، { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعنى أشركوا { مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } [آية: 57] في الآخرة فيعتبون.