الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ٱلْقِيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } * { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } * { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ }

ثم خوفهم، فقال سبحانه: { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ } يعنى قبل كفار مكة من الأمم الخالية { كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } [آية: 42] فكان عاقبتهم الهلاك فى الدنيا. ثم قال: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينَ ٱلْقِيِّمِ } يعنى فأخلص دينك للإسلام المستقيم، فإن غير دين الإسلام ليس بمستقيم { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ } يعنى يوم القيامة { لاَّ مَرَدَّ لَهُ } يعنى لا يقدر أحد على رد ذلك اليوم { مِنَ ٱللَّهِ } عز وجل { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [آية: 43] يعنى بعد الحساب يتفرقون إلى الجنة وإلى النار.

{ مَن كَفَرَ } الله { فَعَلَيْهِ } إثم { كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } [آية: 44] يعنى يقدمون { لِيَجْزِيَ } يعنى لكى يجزى الله عز وجل في القيامة { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيد الله عز وجل، { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } [آية: 45] بتوحيد الله عز وجل.

{ وَمِنْ آيَاتِهِ } يعنى ومن علاماته عز وجل، وإن لم تروه، أن تعرفوا توحيده بصنعه عز وجل { أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } يعنى يستبشر بها الناس رجاء المطر { وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ } يقول: وليعطيكم من نعمته يعنى المطر { وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ } في البحر { بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ } في البحر { مِن فَضْلِهِ } يعنى الرزق كل هذا بالرياح { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [آية: 46] رب هذه النعم فتوحدونه.

ثم خوف كفار مكة لكى لا يكذبوا النبى صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } فأخبروا قومهم بالعذاب أنه نازل بهم فى الدنيا إن لم يؤمنوا، فكذبوهم بالعذاب أنه غير نازل بهم فى الدنيا، فعذبهم الله عز وجل، فلذلك قوله عز وجل: { فَٱنتَقَمْنَا } بالعذاب { مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } يعنى الذين أشركوا { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } [آية: 47] يعنى المصدقين للأنبياء، عليهم السلام، بالعذاب، فكان نصرهم أن الله عز وجل أنجاهم من العذاب مع الرس.