ونزلت: { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } ، يعنى القرآن { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } [آية: 70] أن محمداً رسول الله، ونعته معكم فى التوراة، { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ } ، يعنى لم تخلطون الحق { بِٱلْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ } ، وذلك أن اليهود أقروا ببعض أمر محمد صلى الله عليه وسلم وكتموا بعضاً { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [آية: 71] أن محمداً نبى ورسول صلى الله عليه وسلم. { وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } ، كعب بن الأشرف، ومالك بن الضيف اليهوديان لسلفة اليهود { آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعنى صدقوا بالقرآن، { وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ } أول النهار، يعنى صلاة الغداة، وإذا كان العشى قولوا لهم: نظرنا فى التوراة، فإذا النعت الذى فى التوراة ليس بنعت محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله سبحانه: { وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ } ، يعنى صلاة العصر، فلبسوا عليهم دينهم لعلهم يشكون فى دينهم، فذلك قوله: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [آية: 72]، يعنى لكى يرجعوا عن دينهم إلى دينكم. وقالا لسفلة اليهود: { وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } ، فإنه لن يؤتى أحد من الناس مثل ما أوتيتم من الفضل والتوراة والمن والسلوى والغمام والحجر، اثبتوا على دينكم، وقالوا لهم: لا تخبروهم بأمر محمد صلى الله عليه وسلم فيحاجوكم، يعنى فيخاصموكم عند ربكم، قالوا ذلك حسداً لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن تكون النبوة فى غيرهم، فأنزل الله عز وجل: { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ } يا محمد { إِنَّ ٱلْفَضْلَ } ، يعنى الإسلام والنبوة { بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ } لذلك { عَلِيمٌ } [آية: 73] بمن يؤتيه الفضل، { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ } ، يعنى بتوبته، { مَن يَشَآءُ } ، فاختص الله عز وجل به المؤمنين، { وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ } ، يعنى الإسلام { الْعَظِيمِ } [آية: 74] على المؤمنين.