الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } * { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } * { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }

ونزلت: { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } ، يعنى القرآن { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } [آية: 70] أن محمداً رسول الله، ونعته معكم فى التوراة، { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ } ، يعنى لم تخلطون الحق { بِٱلْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ } ، وذلك أن اليهود أقروا ببعض أمر محمد صلى الله عليه وسلم وكتموا بعضاً { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [آية: 71] أن محمداً نبى ورسول صلى الله عليه وسلم.

{ وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } ، كعب بن الأشرف، ومالك بن الضيف اليهوديان لسلفة اليهود { آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعنى صدقوا بالقرآن، { وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ } أول النهار، يعنى صلاة الغداة، وإذا كان العشى قولوا لهم: نظرنا فى التوراة، فإذا النعت الذى فى التوراة ليس بنعت محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله سبحانه: { وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ } ، يعنى صلاة العصر، فلبسوا عليهم دينهم لعلهم يشكون فى دينهم، فذلك قوله: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [آية: 72]، يعنى لكى يرجعوا عن دينهم إلى دينكم.

وقالا لسفلة اليهود: { وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } ، فإنه لن يؤتى أحد من الناس مثل ما أوتيتم من الفضل والتوراة والمن والسلوى والغمام والحجر، اثبتوا على دينكم، وقالوا لهم: لا تخبروهم بأمر محمد صلى الله عليه وسلم فيحاجوكم، يعنى فيخاصموكم عند ربكم، قالوا ذلك حسداً لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن تكون النبوة فى غيرهم، فأنزل الله عز وجل: { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ } يا محمد { إِنَّ ٱلْفَضْلَ } ، يعنى الإسلام والنبوة { بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ } لذلك { عَلِيمٌ } [آية: 73] بمن يؤتيه الفضل، { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ } ، يعنى بتوبته، { مَن يَشَآءُ } ، فاختص الله عز وجل به المؤمنين، { وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ } ، يعنى الإسلام { الْعَظِيمِ } [آية: 74] على المؤمنين.