{ رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ } ، يعنى من خلدته فى النار فقد أهنته، { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } [آية: 192]، يعنى وما للمشركين من مانع يمنعهم من النار، قالوا: { رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ } ، فهو محمد صلى الله عليه وسلم داعياً يدعو إلى التصديق، { أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ } ، يعنى صدقوا بتوحيد ربكم، { فَآمَنَّا } ، أى فأجابه المؤمنون، فقالوا: ربنا آمنا، يعنى صدقنا، { رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا } ، يعنى امح عنا خطايانا، { وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } [آية: 193]، يعنى المطيعين، قالوا: { رَبَّنَا وَآتِنَا } ، يعنى وأعطنا { مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ } ، يقول: أعطنا من الجنة ما وعدتنا على ألسنة رسلك، { وَلاَ تُخْزِنَا } ، يعنى ولا تعذبنا { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } [آية: 194]. فأخبر الله عز وجل بفعلهم وبما أجابهم، وأنجز الله عز وجل لهم موعوده، فذلك قوله سبحانه: { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ } ، فقال: { أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ } فى الخير، { مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } إلى المدينة، { وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ } ، وذلك أن كفار مكة أخرجوا مؤمنيهم من مكة، ثم قال سبحانه: { وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي } ، يعنى فى سبيل دين الإسلام، { وَقَاتَلُواْ } المشركين، { وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ } ، يعنى لأمحون عنهم { سَيِّئَاتِهِمْ } ، يعنى خطاياهم، { وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } ، يعنى بجنات البساتين، ذلك الذى ذكر كان { ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ } [آية: 195]، يعنى الجنة، نزلت فى أم سلمة أم المؤمنين، رضى الله عنها، ابنة أبى أمية المخزومى حين قالت: ما لنا معشر النساء عند الله خير، وما يذكرنا بشىء، ففيها نزلت:{ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } [الأحزاب: 35] فى الأحزاب إلى آخر الآية، فأشرك الله عز وجل الرجال مع النساء فى الثواب كما شاركن الرجال فى الأعمال الصالحة فى الدنيا.