الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ }

{ قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل مكة يوم بدر، { سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ } فى الآخرة، { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } [آية: 12]، يقول: بئسما مهدوا لأنفسهم، " فقال النبى صلى الله عليه وسلم للكفار يوم بدر: " إن الله غالبكم، وسوف يحشركم إلى جهنم " ، فقال أبو جهل: يا ابن أبى كبشة، هل هذا إلا مثل ما كنت تحدثنا به، وقوله سبحانه: { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ } ، وذلك أن بنى قينقاع من اليهود أتوا النبى صلى الله عليه وسلم بعد قتال بدر يوعدونه القتال كما قتل كفار مكة يوم بدر، فأنزل الله عزوجل: { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ } معشر اليهود، يعنى عبرة { فِي فِئَتَيْنِ } { ٱلْتَقَتَا } فئه المشركين وفئه المؤمنين يوم بدر، التقتا { فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، وهو النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم بدر، { وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ } ، أبو جهل والمشركين، { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ } ، رأت اليهود أن الكفار مثل المؤمنين فى الكثرة، { رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } ، وكان الكفار يومئذ سبعمائة رجل، عليهم أبو جهل، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، بين كل أربعة بعير، ومعهم فرسان، أحدهما مع أبى مرثد الغنوى، والآخر مع المقداد بن الأسود الكندى، ومعهم ستة أدراع، والمشركون ألف رجل، سبعمائة دراع، عليهم أبو جهل، وثلاثمائة حاسر، ثم حبس الأخنس بن شريق ثلاثمائة رجل من بنى زهرة عن قتال النبى صلى الله عليه وسلم، فبقى المشركون فى سبعمائة رجل.

يقول الله تعالى: { وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ } ، يعنى بنصره { مَن يَشَآءُ } ، فينصره الله عز وجل القليل على الكثير، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } ، يعنى يقوى فى نصرهم، نصر المؤمنين وهم قليل، وهزيمة الكفار وهم كثير، { لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } [آية: 13]، يعنى الناظرين فى أمر الله عز وجل وطاعته لعبرة وتفكراً لأولى الأبصار، حين أظهر الله عز وجل القليل على الكثير.