الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ } * { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }

{ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } نزلت فى ضعفاء مسلمى أهل مكة إن كنتم فى ضيق بمكة من إظهار الإيمان، فـ { إِنَّ أَرْضِي } يعنى أرض الله بالمدينة { وَاسِعَةٌ } من الضيق { فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ } [آية: 56] يعنى فوحدونى بالمدنية علانية.

ثم خوفهم الموت ليهاجروا، فقال تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } [آية: 57] فى الآخرة بعد الموت فيجزيكم بأعمالكم.

ثم ذكر المهاجرين، فقال سبحانه: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ } يعنى لننزلنهم { مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } لا يموتون فى الجنة { نِعْمَ أَجْرُ } يعنى جزاء { ٱلْعَامِلِينَ } [آية: 58] لله عز وجل.

ثم نعتهم، فقال عز وجل: { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } على الهجرة { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [آية: 59] يعنى وبالله يثقون فى هجرتهم، وذلك أن أحدهم كان يقول: بمكة أهاجر إلى المدينة وليس لى بها مال، ولا معيشة.

فوعظهم الله ليعتبروا، فقال: { وَكَأَيِّن } يعنى وكم { مِّن دَآبَّةٍ } فى الأرض أو طير { لاَّ تَحْمِلُ } يعنى لا ترفع { رِزْقَهَا } معها { ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا } حيث توجهت { وَإِيَّاكُمْ } يعنى يرزقكم إن هاجرتم إلى المدينة { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [آية: 60] لقولهم: إنا لا نجد ما ننفق فى المدينة.

ثم قال عز وجل للنبى صلى الله عليه وسلم { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } يعنى ولئن سألت كفار مكة { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } وحده خلقهم { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [آية: 61] يعنى عز وجل من أين تكذبون يعنى بتوحيدى.

ثم رجع إلى الذين رغبهم فى الهجرة، والذين قالوا: لا نجد ما ننفق، فقال عز وجل: { ٱللَّهُ يَبْسُطُ } يعنى يوسع { ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } يعنى ويقتر على من يشاء { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ } [آية: 62] من البسط على من يشاء، والتقتير عليه.

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } يعنى كفار مكة { مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } يعنى المطر، { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } يفعل ذلك { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } بإقرارهم بذلك { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [آية: 63] بتوحيد ربهم، وهم مقرون بأن الله عز وجل خلق الأشياء كلها وحده.