الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } * { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ } يعنى النبى صلى الله عليه وسلم وحده { أَهْلَ ٱلْكِتَابِ } البتة يعنى مؤمنيهم عبد الله بن سلام وأصحابه، { إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } فيها تقديم، يقول: جادلهم قل لهم بالقرآن وأخبرهم عن القرآن، نسختها آية السيف فى براءة فقال تعالى:قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِر } [التوبة: 29] { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوۤاْ } لهم يعنى ظلمة اليهود { آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا } يعنى القرآن { وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } يعنى التوراة { وَ } قولوا لهم: { وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ } ربنا وربكم واحد { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [آية: 46] يعنى مخلصين بالتوحيد.

{ وَكَذَلِكَ } يعنى وهكذا { أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } كما أنزلنا التوراة على أهل الكتاب، ليبين لهم عز وجل يعنى ليخبرهم، ثم ذكر مؤمنى أهل التوراة عبد الله بن سلام وأصحابه، فقال سبحانه: { فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } يعنى أعطيناهم التوراة، يعنى ابن سلام وأصحابه { يُؤْمِنُونَ بِهِ } يصدقون بقرآن محمد صلى الله عليه وسلم أنه من الله عز وجل، ثم ذكر مسلمى مكة، فقال: { وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ } يعنى يصدق بقرآن محمد صلى الله عليه وسلم أنه من الله جاء، ثم قال: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } يعنى آيات القرآن بعد المعرفة، لأنهم يعلمون أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبى، وأن القرآن حق من الله عز وجل: { إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } [آية: 47] من اليهود.

{ وَمَا كُنتَ } يا محمد { تَتْلُو } يعنى تقرأ { مِن قَبْلِهِ } يعنى من قبل القرآن { مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ } فلو كنت يا محمد تتلوا القرآن أو تخطه، لقالت اليهود، إنما كتبه من تلقاء نفسه، و { إِذاً لاَّرْتَابَ } يقول: وإذَّا لشك { ٱلْمُبْطِلُونَ } [آية: 48] يعنى الكاذبين، يعنى كفار اليهود إذَّا لشكوا فيك يا محمد، إذا لقالوا: إن الذى نجد فى التوراة نعته، هو أمى لا يقرأ الكتاب ولا يخطه بيده.

ثم ذكر مؤمنى أهل التوراة، فقال: { بَلْ هُوَ } يا محمد { آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ } يعنى علامات واضحات بأنه أمى لا يقرأ الكتاب ولا يخطه بيده، { فِي صُدُورِ } يعنى فى قلوب { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } بالتوراة، يعنى عبد الله بن سلام وأصحابه، ثم قال عز وجل: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } يعنى ببعث محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة بأنه أمى لا يقرأ الكتاب، ولا يخطه بيده، وهو مكتوب فى التوراة، فكتموا أمره وجحدوا، فذلك قوله عز وجل: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } يعنى ببعث محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة { إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ } [آية: 49] يعنى كفار اليهود.

{ وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ } قال كفار مكة: هلا أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم آيات من ربه إلينا، كما كان تجئ إلىقومهم، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى النبى صلى الله عليه وسلم، قال: { قُلْ } لهم { إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ } فإذا شاء أرسلها وليست بيدى، { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [آية: 50].

فلما سألوه الآية، قال الله تعالى: { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ } بالآية من القرآن { أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } فيه خبر ما قبلهم، وما بعدهم، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } يعنى عز وجل فى القرآن { لَرَحْمَةً } لمن آمن به وعمل به، { وَذِكْرَىٰ } يعنى وتذكرة { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [آية: 51] يعنى يصدقون بالقرآن أنه من الله عز وجل، فكذبوا بالقرآن فنزل: