الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرْجُواْ ٱلْيَوْمَ ٱلأَخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ } * { وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ } * { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

{ وَ } أرسلنا { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً } بن نويب بن مدين بن إبراهيم خليل الرحمن، جل جلاله، لصلبه، { فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ، يعنى وحدوا الله، { وَٱرْجُواْ ٱلْيَوْمَ آلآخِرَ } ، يعنى واخشوا البعث الذى فيه جزاء الأعمال، { وَلاَ تَعْثَوْاْ } ، يعنى ولا تسعوا، { فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [آية: 36]، يعنى بالمعاصى فى نقصان الكيل والميزان، وهو الفساد فى الأرض.

{ فَكَذَّبُوهُ } بالعذاب حين أوعدهم أنه نازل بهم فى الدنيا، { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ } ، يعنى عز وجل فى محلتهم وعسكرهم، { جَاثِمِينَ } [آية: 37 } ، أمواتاً خامدين مثل النار إذا أطفئت، بينما هى تقد إذا هى طفئت، فشبه أرواحهم فى أجسادهم وهم أحياء مثل النار إذا تقد، ثم شبه هلاكهم بالنار إذا طفئت، بينما هم أحياء إذا صاح بهم جبريل، عليه السلام، فصعقوا أمواتاً أجمعين.

{ وَ } أهلكنا { وَعَاداً وَثَمُودَاْ } ، وهما ابنا عم، { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم } يا أهل مكة، { مِّن مَّسَاكِنِهِمْ } يعنى منازلهم آية فى هلاكهم { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } السية، { فَصَدَّهُمْ } الشيطان { عَنِ ٱلسَّبِيلِ } ، أى طريق الهدى، { وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ } [آية: 38] فى دينهم يحسبون أنهم على هدى.

{ وَ } أهلكنا { وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ } ، واسمه فيطوس، { وَهَامَانَ } قهرمان فرعون ودستوره، { وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ } ، أخبرهم أن العذاب نازل بهم فى الدنيا، فكذبوه وادعوا أنه غير نازل بهم فى الدنيا، { فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ } [آية: 39]، يعنى فتكبروا بذنوبهم، يعنى بتكذيبهم الرسل، كقوله تعالى:ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ } [التوبة: 102]، يعنى بتكذيبهم الرسل، وكفروا به،فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ } [الشمس: 14]، يعنى بتكذيبهم صالحاً.

قال عز وجل: { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } ، يعنى من الحجارة، وهم هوم لوط، { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ } ، يعنى صيحة جبريل، عليه السلام، وهم قوم صالح، وقوم شعيب، وقوم هود، وقوم إبراهيم، { وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ } ، يعنى قارون وأصحابه، { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا } ، يعنى قوم نوح، وقوم فرعون، { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } ، فيعذبهم على غير ذنب، { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [آية: 40]، يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية؛ لئلا يكذبوا محمد صلى الله عليه وسلم.