الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } * { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ }

{ وَوَهَبْنَا لَهُ } ، يعنى لإبراهيم، { إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } ابن إسحاق بالأرض المقدسة، { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ } ، يعنى ذرية إبراهيم، { ٱلنُّبُوَّةَ } ، يعنى إسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، عليهم السلام، { وَٱلْكِتَابَ } ، يعنى صحف إبراهيم، { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ } ، يعنى أعطيناه جزاءه، { فِي ٱلدُّنْيَا } ، يعنى الثناء الحسن والمقالة الحسنة من أهل الأديان كلها؛ لمضيه على رضوان الله حين ألقى فى النار، وكسر الأصنام، ومضيه على ذبح ابنه، فجميع أهل الأديان يقولون: إبراهيم منا لا يتبرأ منه أحد، { وَإِنَّهُ } ، يعنى إبراهيم { فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [آية: 27]، نظيرها فى النحل.

{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ } ، يعنى المعصية، يعنى إتيان الرجال فى أدبارهم ليلاً { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 28]، فيما مضى قبلكم، وكانوا لا يأتون إلا الغرباء.

ثم قال عز وجل: { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ } ، يعنى المسافر، وذلك أنهم إذا جلسوا فى ناديهم، يعنى فى مجالسهم رموا ابن السبيل بالحجارة والخذف فيقطعون سبيل المسافر، فذلك قوله عز وجل: { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ } ، يعنى فى مجالسكم المنكر، يعنى الحذف بالحجارة { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } ، أى قوم لوط، عليه السلام، حين نهاهم عن الفاحشة والمنكر، { إِلاَّ أَن قَالُواْ } للوط، عليه السلام: { ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [آية: 29]، يعنى بأن العذاب نازل بهم فى الدنيا.

فدعا لوط ربه عز وجل فـ { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ } [آية: 30]، يعنى العاصين، يعنى بالفساد إتيان الرجال فى أدبارهم، يقول: رب انصرنى بتحقيق قولى فى العذاب عليهم بما كذبون، يعنى بتكذيبهم إياى حين قالوا: إن العذاب ليس بنازل بهم فى الدنيا، فأهلكهم الله عز وجل بالخسف والحصب، وكان لوط، عليه السلام، قد أنذرهم العذاب، فذلك قوله:وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا } [القمر: 36]، يعنى عذابنا.

{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ } ، يعنى الملائكة { إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ } بالولد، { قَالُوۤاْ } لإبراهيم: { إِنَّا مُهْلِكُوۤاْ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ } ، يعنون قرية لوط، { إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } [آية: 31].

{ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ } ، يعنى لوطاً، ثم استثنى، فقال: { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } [آية: 32]، يعنى الباقين فى العذاب.