الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ }

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا } بالعذاب في الدنيا { ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ } يعني نوحاً، وعاداً، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم شعيب، وغيرهم كانوا قبل موسى، ثم قال عز وجل: { بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ } يقول: في هلاك الأمم الحالية بصيرة لبني إسرائيل { وَهُدًى } يعني التوراة هدى من الضلالة لمن عمل بها، { وَرَحْمَةً } لم آمن بها من العذاب { لَّعَلَّهُمْ } يعني لكي { يَتَذَكَّرُونَ } [آية: 43] فيؤمنوا بتوحيد الله، عز وجل.

{ وَمَا كُنتَ } يا محمد { بِجَانِبِ } يعني بناحية، كقوله عز وجلجَانِبَ ٱلْبَرِّ } [الإسراء: 68] يعني ناحية البر { ٱلْغَرْبِيِّ } بالأرض المقدسة، والغربى، يعني غربي الجبل حيث تغرب الشمس { إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } يقول: إذا عهدنا إلى موسى الرسالة إلى فرعون وقومه، { وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } [آية: 44] لذلك الأمر.

{ وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً } يعني خلفنا قروناً، { فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً } يعني شاهداً { فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } يعني تشهد مدين، فتقرأ على أهل مكة أمرهم { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } [آية: 45] يعني أرسلناك إلى أهل مكة لتخبرهم بأمر مدين.

{ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ } يعني بناحية من الجبل الذي كلم الله عز وجل عليه موسى، عليه السلام، { إِذْ نَادَيْنَا } يعني إذا كلمنا موسى، وآتيناه التوراة { وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } يقول: ولكن القرآن رحمة، يعني نعمة من ربك النبوة اختصصت بها، إذ أوحينا إليك أمرهم لتعرف كفار نبوتك، فذلك قوله: { لِتُنذِرَ قَوْماً } يعني أهل مكة بالقرآن { مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ } يعني رسولاً { مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ } يعني لكي { يَتَذَكَّرُونَ } [آية: 46] فيؤمنوا.

{ وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ } يعني العذاب في الدنيا { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من المعاصي، يعني كفار مكة { فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ } يعني القرآن { وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [آية: 47] يعني المصدقين، فيها تقديم، يقول: لولا أن يقولوا: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك، ونكون من المؤمنين لأصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم.

{ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ } يعني القرآن { مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ } يعني هلا { أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } يعني أعطي محمد صلى الله عليه وسلم القرآن جملة مكتوبة كما أعطي موسى التوراة { أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } قرآن محمد صلى الله عليه وسلم { قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } يعنون التوراة والقرآن، ومن قرأ " ساحران " يعني موسى ومحمداً، صلى الله عليهما، " تظاهرا " ، يعني تعاونا على الضلالة، يقول: صدق كل واحد منهما الآخر، { وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } [آية: 48] يعني بالتوراة وبالقرآن لا نؤمن بهما.