الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } * { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } * { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

{ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ } يقول: فمات { مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ } من شدة الخوف والفزع، { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } يعني جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، عليهم السلام، { وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } [آية: 87] يعني وكل البر والفاجر أتوه في الآخرة صاغرين.

{ وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } يعني تحسبها مكانها { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } فتستوي في الأرض { صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ } يعني الذي أحكم { كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } [آية: 88] يعني إنه خبير بما فعلتم، نظيرها في الروم.

{ مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } في الآخرة يعني بلا إله إلا الله { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } فيها تقديم يقول له: منها خير { وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } [آية: 89].

حدثني الهذيل، عن مقاتل، عن ثابت البنانى، عن كعب بن عجرة، " عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } ، { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } قال: " هذه تنجي، وهذه تردي "

{ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } يعني بالشرك { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } ثم تقول لهم خزنة جهنم: { هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [آية: 90] من الشرك { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ } يعني مكة { ٱلَّذِي حَرَّمَهَا } من القتل والسبى وحرم فيها الصيد وغيره، فلا يستحل فيها ما لا ينبغي { وَلَهُ } ملك { كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [آية: 91] يعني من المخلصين بالتوحيد { وَ } أمرت { وَأَنْ أَتْلُوَ ٱلْقُرْآنَ } عليكم يا أهل مكة { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ } عن الإيمان بالقرآن مثلها في الزمر، { فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } [آية: 92] يعني من المرسلين يعني أنا كأحد الرسل.

{ وَقُلِ } يا محمد { ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ } يعني العذاب في الدنيا { فَتَعْرِفُونَهَا } أنها حق، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بالعذاب أنه نازل بهم فكذبوه، فنزلت: { سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ } يعني القتل ببدر إذا نزل بكم فلا تستعجلون، ثم قال سبحانه: { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [آية: 93] هذا وعيد، فعذبهم الله عز وجل بالقتل، وضربت الملائكة وجوهم وأدبارهم وعجل الله بأرواحهم إلى النار.