الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } * { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

و { قُلِ } يا محمد { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } في هلاك الأمم الخالية، يعني ما ذكر في هذه السورة من هلاك فرعون وقومه، وثمود وقوم لوط، وقل: الحمد لله الذي علمك هذا الأمر الذي ذكر، ثم قال: { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } يعني الذين اختارهم الله عز وجل لنفسه للرسالة، فسلام الله على الأنبياء، عليهم السلام، ثم قال الله عز وجل: { ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } [آية: 59] به، يقول: الله تبارك وتعالى أفضل أم الآلهة التي تعبدونها؟ يعني كفار مكة " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية، قال: " بل، الله خير وأبقى وأجل وأكرم "

{ أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ } يعني حيطان النخل والشجر { ذَاتَ بَهْجَةٍ } يعني ذات حسن { مَّا كَانَ لَكُمْ } يعني ما ينبغي لكم { أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } فتجعلوا للآلهة نصيباً مما أخرج الله عز وجل لكم من الأرض بالمطر، ثم قال سبحانه استفهام: { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على صنعه جل جلاله، ثم قال تعالى: { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } [آية: 60] يعني يشركون، يعني كفار مكة.

ثم قال سبحانه: { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } يعني مستقراً لا تميد بأهلها { وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ } يعني فجر نواحي الأرض { أَنْهَاراً } فهى تطرد، { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } يعني الجبال، فتثبت بها الأرض لئلا تزول بمن على ظهرها، { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } الماء المالح والماء العذب { حَاجِزاً } حجز الله عز وجل بينهما بأمره، فلا يختلطان، { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله } يعينه على صنعه عز وجل: { بَلْ أَكْثَرُهُمْ } يعني لكن أكثرهم، يعني أهل مكة { لاَ يَعْلَمُونَ } [آية: 61] بتوحيد ربهم.

{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ } يعني الضر { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على صنعه { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [آية: 62] يقول: ما أقل ما تذكرون { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ } يقول: أم من يرشدكم في أهوال { ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } يقول: يبسط السحاب قدام المطر، كقوله في عسق:وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } [الشورى: 28] يعني ويبسط رحمته بالمطر، { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على صنعه عز وجل، ثم قال: { تَعَالَى ٱللَّهُ } يعني ارتفع الله يعظم نفسه جل جلاله { عَمَّا يُشْرِكُونَ } [آية: 63] به من الآلهة.

ثم قال تعالى: { أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ } يقول: من بدأ الخلق فخلقهم، ولم يكونوا شيئاً، ثم يعيده في الآخرة، { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } يعني المطر { وٱلأَرْضِ } يعني النبت { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على صنعه عز وجل، { قُلْ } لكفار مكة: { هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } يعني هلموا بحجتكم بأنه صنع شيئاً من هذا غير الله عز وجل من الآلة، فتكون لكم الحجة على الله تعالى: { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [آية: 64] بأن مع الله آلهة كما زعمتم، يعني الملائكة.