الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } * { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } * { أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } * { قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } * { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } * { أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } * { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } * { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } * { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } * { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } * { وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } * { وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ } * { وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } * { وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } * { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ } * { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }

{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ } على أهل مكة { نَبَأَ } يعنى حديث { إِبْرَاهِيمَ } [آية: 69] { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ } آزر { وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } [آية: 70] { قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً } من ذهب، وفضة، وحديد، ونحاس، وخشب، { فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } { آية: 71] يقول: فتقيم عليها عاكفين، وهى اثنان وسبعون { قَالَ } إبراهيم، عليه السلام: { هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } [آية: 72] يقول: هل تجيبكم الأصنام إذا دعوتموهم، { أَوْ يَنفَعُونَكُمْ } فى شىء إذا عبدتموها، { أَوْ يَضُرُّونَ } [آية: 73] يضرونكم بشىء إن لم تعبدوها فردوا على إبراهيم.

{ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } [آية: 74] يعنى هكذا يعبدون الأصنام { قَالَ } إبراهيم: { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } [آية: 75] من الأنصام { أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } [آية: 76]، { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } أنا برىئ مما تعبدون، ثم استثنى إبراهيم عليه السلام مما يعبدون رب العالمين جل جلاله، وعبادتهم الله، لأنهم يعلمون أن الله تعالى هو ربهم الذى خلقهم قوله: { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 77] مما تعبدون، فإنى لا أتبرأ منه وإقرارهم بالله عز وجل أنه خلقهم، وهو ربهم، وهم عباده.

ثم ذكر إبراهيم، عليه السلام، نعم رب العالمين تعالى، فقال: { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } [آية: 78] { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي } إذا جعت { وَيَسْقِينِ } [آية: 79] إذا عطشت، { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [آية: 80] { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي } فى الدنيا { ثُمَّ يُحْيِينِ } [آية: 81] بعد الموت فى الآخرة، { وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ } يعنى أرجو { أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } [آية: 82] يعنى يوم الحساب، يقول: أنا أعبد الذى يفعل هذا بى ولا أعبد غيره، وخطيئة إبراهيم ثلاث كذبات، حين قال عن سارة: هذه أختى، وحين قال: إنى سقيم، وحين قال: بل فعله كبيرهم هذا، إحداهن لنفسه، واثنتان لله، عز وجل، ربه تعالى ذكره.

فقال: { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً } يعنى الفهم والعلم { وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } [آية: 83] يعنى الأنبياء عليهم السلام، { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } [آية: 84] يعنى ثناء حسناً يقال: من بعدى فى الناس، فأعطاه الله عز وجل ذلكن فكل أهل دين يقولون: إبراهيم، عليه السلام، ويثنون عليه، ثم قال: { وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ } [آية: 85] يقول: اجعلنى ممن يرث الجنة.

{ وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } [آية: 86] يعنى من المشركين، { وَلاَ تُخْزِنِي } يعنى لا تعذبنى { يَوْمَ يُبْعَثُونَ } [آية: 87] يعنى يوم تبعث الخلق بعد الموت.

ثم نعت إبراهيم، عليه السلام، ذلك اليوم، فقال: { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ } [آية: 88] من العذاب من بعد الموت، { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ } فى الآخرة { بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [آية: 89] من الشرك مخلصاً لله عز وجل بالتوحيد، فينفعه يوم البعث ماله وولده.