الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } * { عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } * { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } * { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } * { أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } * { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } * { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } * { ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ }

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } إن فى هلاكهم بالحر والغم لعبرة لمن بعدهم، يحذر كفار مكة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال عز وجل: { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } [آية: 190] يعنى لو كان أكثرهم مؤمنين ما عذبوا فى الدنيا { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } فى نقمته من أعدائه { ٱلرَّحِيمُ } [آية: 191] بالمؤمنين.

{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 192] وذلك أنه لما قال كفار مكة: إن محمداً صلى الله عليه وسلم يتعلم القرآن من أبى فكيهة، ويجىء به الرى، وهو شيطان، فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فأكذبهم الله تعالى، فقال عز وجل: { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } يعنى القرآن { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [آية: 193] يعنى جبريل، عليه السلام، أمين فيما استودعه الله عز وجل من الرسالة إلى الأنبياء، عليهم السلام، نزله { عَلَىٰ قَلْبِكَ } ليثبت به قلبك يا محمد، { لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } [آية: 194].

أنزله { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } [آية: 195] ليفقهوا ما فيه لقوله، إنما يعلمه أبو فكيهة، وكان أبو فكيهة أعجمياً، ثم قال سبحانه: { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } [آية: 196] يقول: أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونعته فى كتب الأولين.

ثم قال: { أَوَ لَمْ يَكُن } محمد صلى الله عليه وسلم { لَّهُمْ آيَةً } يعنى لكفار مكة { أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [آية: 197] يعنى ابن سلام وأصحابه، { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ } يعنى القرآن { عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } [آية: 198] يعنى أبا فكيهة، يقول: لو أنزلناه على رجل ليس بعربى اللسان { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم } على كفار مكة، لقالوا: ما نفقه قوله، و { مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } [آية: 199] يعنى بالقرآن مصدقين بأنه من الله عز وجل، { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ } يعنى هكذا جعلنا الكفر بالقرآن { فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } [آية: 200].

{ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } يعنى بالقرآن { حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [آية: 201] يعنى الوجيع، { فَيَأْتِيَهُم } العذاب { بَغْتَةً } يعنى فجأة، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [آية: 202] فيتمنون الرجعة والنظرة، فذلك قوله سبحانه: { فَيَقُولُواْ } يعنى كفار مكة { هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } [آية: 203] فنعتب ونراجع، فلما أوعدهم النبى صلى الله عليه وسلم العذاب، قالوا: فمتى هذا العذاب؟ تكذيباً به.

يقول الله عز وجل: { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } [آية: 204] { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } [آية: 205] فى الدنيا { ثُمَّ جَآءَهُم } بعد ذلك العذاب { مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ } [آية: 206] { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ } من العذاب { مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } [آية: 207] فى الدنيا.