الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ } * { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } * { وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ } * { أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ } * { وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ } * { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

{ كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ } [آية: 123] { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ } ليس بأخيهم فى الدين ولكن أخوهم فى النسب، { أَلاَ تَتَّقُونَ } [آية: 124] يعنى ألا تخشون الله عز وجل، { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } [آية: 125] فيما بينكم وبين ربكم، { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } يعنى فاعبدوا الله، { وَأَطِيعُونِ } [آية: 126] فيما آمركم به من النصيحة { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } يقول: لا أسالكم على الإيمان جعلاً { إِنْ أَجْرِيَ } يقول: ما أجرى { إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 127].

{ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ } يعنى طريق { آيَةً } يعنى علماً { تَعْبَثُونَ } [آية: 128] يعنى تلعبون، وذلك أنهم كانوا إذا سافروا لا يهتدون إلا بالنجوم، فبنوا القصور الطوال عبثاً يقول: علماً بكل طريق يهتدون بها فى طريقهم، { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ } يعنى القصور ليذكروا بها هذا منزل بنى فلان، وبنى فلان { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } [آية: 129] فى الدنيا فلا تموتون.

{ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } [آية: 130] يقول: إذا أخذتم أخذتم فقتلتم فى غير حق، كفعل الجبارين، والجبار من يقتل بغير حق، { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } [آية: 131] { وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ } يقول: اتقوا الله الذى أعطاكم { بِمَا تَعْلَمُونَ } [آية: 132] من الخير.

ثم أخبر بالذى أعطاهم، فقال سبحانه: { أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ } [آية: 133] { وَجَنَّاتٍ } يقول: البساتين { وَعُيُونٍ } [آية: 134] يعنى وأنهار جارية أعطاهم هذا الخير كله، بعدما أخبرهم عن قوم نوح بالغرق، قال: فإن لم تؤمنوا فـ { إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [آية: 135] إن ينزل بكم فى الدنيا، يعنى بالعظيم الشديد فردوا عليه، عليه السلام { قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ } بالعذاب { أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ } [آية: 136] { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } [آية: 137] يعنى ما هذا العذاب الذى يقول هود إلا أحاديث الأولين { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [آية: 138].

{ فَكَذَّبُوهُ } بالعذاب فى الدنيا { فَأَهْلَكْنَاهُمْ } بالريح { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } يقول: إن فى هلاكهم بالريح لعبرة لمن بعدهم من هذه الأأمة، فيحذروا مثل عقوبتهم، ثم قال سبحانه: { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } [آية: 139] ولو كان أكثرهم مؤمنين لم يعذبوا فى الدنيا، { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } فى نقمته من أعدائه حين أهلكهم بالريح { ٱلرَّحِيمُ } [آية: 140] بالمؤمنين حين أنجاهم.