الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } * { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } * { يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً }

{ وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ } فى غير حق، { وَلَمْ يَقْتُرُواْ } يعنى ولم يمسكوا عن حق، { وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } [آية: 67] يعنى بين الإسراف والإقتار مقتصداً { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ } يعنى لا يعبدون { مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ } قتلها { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } يعنى بالقصاص { وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } جميعاً { يَلْقَ أَثَاماً } [آية: 68] يعنى جزاؤه، وادياً فى جهنم.

{ يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ } يعنى فى العذاب { مُهَاناً } [آية: 69] يعنى يهان فيه، نزلت بمكة، فلما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، كتب وحشى بن حبيش غلام المطعم عدة ابن نوفل بن عبد المناف، إلى النبى صلى الله عليه وسلم بعد ما قتل حمزة،: هل لى من توبة وقد أشركت وقتلت وزنيت؟ فسكت النبى صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله فيه بعد سنتين.

فقال سبحانه: { إِلاَّ مَن تَابَ } من الشرك { وَآمَنَ } يعنى وصدق بتوحيد الله عز وجل { وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ } يعنى يحول الله عز وجل { سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } والتبديل من العمل السيىء إلى العمل الصالح { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } لما كان فى الشرك { رَّحِيماً } [آية: 70] به فى الإسلام، فأسلم وحشى، وكان وحشى قد قتل حمزة بن عبد المطلب عليه السلام يوم أحد، ثم أسلم، فأمره النبى صلى الله عليه وسلم، فخرب مسجد المنافقين، ثم قتل مسيلمة الكذاب باليمامة على عهد أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، فكان وحشى يقول: أنا الذى قتلت خير الناس، يعنى حمزة، وأنا الذى قتلت شر الناس، يعنى مسيلمة الكذاب، فلما قبل الله عز وجل توبة وحشى، قال كفار مكة: كلنا قد عمل عمل وحشى، فقد قبل الله عز وجل توبته، ولم ينزل فينا شىء فأنزل الله عز وجل فى كفار مكة:يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } [الزمر: 35] فى الإسلام، يعنى بالإسراف الذنوب العظام الشرك والقتل والزنا، فكان بين هذه الآية:وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } [الفرقان: 68] إلى آخر الآية، وبين الآية التى فى النساء:وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ } [النساء: 93] إلى آخر الآية، ثمانى سنين.

{ وَمَن تَابَ } من الشرك { وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً } [آية: 71] يعنى مناصحاً لا يعود إلى نكل الذنب.