الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً } * { وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ ٱلرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } * { وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } * { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِيۤ أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } * { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } * { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } * { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }

{ وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا } يعنى حين { كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ } يعنى نوحاً وحده { أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً } يعنى عبرة لمن بعدهم { وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً } [آية: 37] يعنى وجيعاً.

ثم قال تعالى: { وَ } أهلكنا { وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ ٱلرَّسِّ } يعنى البئر التى قتل فيها صاحب ياسين بأنطاكية التى بالشام { وَقُرُوناً } يعنى وأهلكنا أمما { بَيْنَ ذَلِكَ } ما بين عاد إلى أصحاب الرس { كَثِيراً } [آية: 38].

{ وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } [آية: 39] وكلاً دمرنا بالعذاب تدميراً { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِيۤ أُمْطِرَتْ } بالحجارة { مَطَرَ ٱلسَّوْءِ } يعنى قرية لوط عليه السلام، كل حجر على قدر كل إنسان، { أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا }؟ فيعتبروا، { بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } [آية: 40] يقول عز وجل: بل كانوا لا يخشون بعثاً، نظيرها فى تبارك الملك:وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ } [الملك: 15] يعنى الإحياء.

{ وَإِذَا رَأَوْكَ } يعنى النبى صلى الله عليه وسلم { إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } [آية: 41] صلى الله عليه وسلم نزلت فى أبى جهل لعنه الله، ثم قال أبو جهل: { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا } يعنى ليستزلنا عن عبادة آلهتنا، { لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا } يعنى تثبتنا { عَلَيْهَا } يعنى على عبادتها ليدخلنا فى دينه، يقول الله تبارك وتعالى: { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ } فى الآخرة { مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [آية: 42] يعنى من أخطأ طريق الهدى أهم أم المؤمنون؟ فنزلت { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } وذلك أن الحارث بن قيس السهمى هوى شيئاً فعبده، { أَفَأَنتَ } يا محمد { تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } [آية: 43] يعنى مسيطراً يقول: تريد أن تبدل المشيئة إلى الهدى والضلالة.

{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ } إلى الهدى { أَوْ يَعْقِلُونَ } الهدى، ثم شبههم بالبهائم، فقال سبحانه: { إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ } فى الأكل والشرب لا يلتفتون إلى الآخرة { بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [آية: 44] يقول: بل هم أخطأ طريقاً من البهائم، لأنها تعرف ربها وتذكره، وكفار مكة لا يعرفون ربهم فيوحدونه.