الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَأْوَٰهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

ثم أمرهم بطاعته عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } فيما أمرتم، { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يعني أعرضتم عن طاعتهما، { فَإِنَّمَا عَلَيْهِ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم { مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ } يقول: فإنما على محمد صلى الله عليه وسلم ما أمر من تبليغ الرسالة، وعليكم ما أمرتم من طاعتهما، ثم قال تعالى: { وَإِن تُطِيعُوهُ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم { تَهْتَدُواْ } من الضلالة، وإن عصيتموه، فإنما على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين، يعني ليس عليه إلا أن يبلغ ويبين { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } [آية: 54].

{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } وذلك أن كفار مكة صدوا المسلمين عن العمرة عام الحديبية، فقال المسلمون: لو أن الله عز وجل فتح علينا مكة ودخلناها آمنين، فسمع الله عز وجل قولهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } يعني أرض مكة { كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من بنى إسرائيل وغيرهم، وعدهم أن يستخلفهم بعد هلاك كفار مكة { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ } الإسلام حتى يشيع الإسلام { ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ } يعني الذي رضي لهم { وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ } من كفار أهل مكة { أَمْناً } لا يخافون أحداً { يَعْبُدُونَنِي } يعني يوحدونني { لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } من الآلهة { وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ } التمكين في الأرض، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [آية: 55] يعني العاصين.

{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ } يعني وأتموا الصلاة، { وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } فيما أمركم { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [آية: 56] يقول: لكى ترحموا، فلا تعذبوا { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل مكة { مُعْجِزِينَ } ، يعني سابقى الله { فِي ٱلأَرْضِ } حتى يجزيهم الله عز وجل بكفرهم { وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [آية: 57].