الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } * { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } * { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } * { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } * { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } * { لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }

فى قولهم إن الملائكة بنات الله، عز وجل، يقول الله تعالى: { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ } يعنى الملائكة { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } يعنى من شريك، فلو كان معه إله { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } كفعل ملوك الدنيا يلتمس بعضهم قهر بعض، ثم نزه الرب نفسه، جل جلاله، عن مقاتلهم فقال تعالى: { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } [آية: 91] يعنى عما يقولون بأن الملائكة بنات الرحمن { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } يعنى غيب ما كان، وما يكون، والشهادة { فَتَعَالَىٰ } يعنى فارتفع { عَمَّا يُشْرِكُونَ } [آية: 92] لقولهم الملائكة بنات الله { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } [آية: 93] من العذاب، يعنى القتل ببدر، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم أراد أن يدعو على كفار مكة، ثم قال: { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 94] { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ } من العذاب { لَقَادِرُونَ } [آية: 95] ثم قال الله عز وجل يعزى نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر على الأذى: { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ } نزلت فى النبى صلى الله عليه وسلم { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } [آية: 96] من الكذب.

ثم أمره أن يتعوذ من الشيطان، فقال تعالى: { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } [آية: 97] يعنى الشياطين فى أمر أبى جهل، { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } [آية: 98] { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ } يعنى الكفار { قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } [آية: 99] إلى الدنيا حين يعاين ملك الموت يؤخذ بلسانه، فينظر إلى سيئاته قبل الموت، فلما هجم على الخزى سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحاً فيما ترك، فذلك قوله سبحانه: { رَبِّ ٱرْجِعُونِ } إلى الدنيا { لَعَلِّيۤ } يعنى لكى { أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } من العمل الصالح، يعنى الإيمان، يقول عز وجل: { كَلاَّ } لا يرد إلى الدنيا.

{ ثم استأنف فقال: { إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا } يعنى بالكلمة قوله: { رَبِّ ٱرْجِعُونِ } ، ثم قال سبحانه: { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ } يعنى ومن بعد الموت أجل { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [آية: 100] يعنى يحشرون بعد الموت.