الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } * { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } * { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ }

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } يعنى وحدوا الله { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } ليس لكم رب غيره { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [آية: 23] يقول: أفلا تعبدون الله، عز وجل، { فَقَالَ ٱلْمَلأُ } يعنى الأشراف { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا } يعنون نوحاً { إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } ليس له عليكم فضل فى شىء فتتبعونه { يُرِيدُ } نوح { أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ } يعنى لأرسل { مَلاَئِكَةً } إلينا فكانوا رسله { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } التوحيد { فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } [آية: 24].

{ إِنْ هُوَ } يعنون نوحاً { إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } ، يعنى جنوناً { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } [آية: 25] يعنون الموت { قَالَ } نوح: { رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } [آية: 26] يقول: انصرنى بتحقيق قولى فى العذاب بأنه نازل بهم فى الدنيا.

{ فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ } يقول: اجعل السفينة { بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } كما نأمرك { فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا } يقول عز وجل: فإذا جاء قولنا فى نزول العذاب بهم فى الدنيا، يعنى الغرق { وَفَارَ } الماء من { ٱلتَّنُّورُ } وكان التنور فى أقصى مكان من دار نوح، وهو التنور الذى يخبز فيه، وكان فى الشام بعين وردة، { فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } ذكر وأنثى { وَأَهْلَكَ } فاحملهم معك فى السفينة، ثم استثنى من الأهل { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ } يعنى من سبقت عليهم كلمة العذاب فكان ابنه وامرأته ممن سبق عليه القول من أهله، ثم قال تعالى: { وَلاَ تُخَاطِبْنِي } يقول: ولا تراجعنى { فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } يعنى أشركوا { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } [آية: 27] يعنى بقوله: ولا تخاطبنى. قول نوح عليه السلام لربه عز وجل:إِنَّ ٱبُنِي مِنْ أَهْلِي } [هود: 45] يقول الله: ولا تراجعنى فى ابنك كنعان، فإنه من الذين ظلموا.

ثم قال سبحانه: { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ } من المؤمنين { عَلَى ٱلْفُلْكِ } يعنى السفينة { فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 28] يعنى المشركين { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي } من السفينة { مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } [آية: 29] من غيرك، يعنى بالبركة أنهم توالدوا وكثروا.

{ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ } يقول: إن فى هلاك قوم نوح بالغرق لعبرة لمن بعدهم، ثم قال: { وَإِن } يعنى وقد { كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } [آية: 30] بالغرق.