الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } * { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ } * { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } * { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ }

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ } يعنى آدم صلى الله عليه وسلم { مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } [آية: 12] والسلالة: إذا عصر الطين انسل الطين والماء من بين أصابعه.

{ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً } يعنى ذرية آدم { فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } [آية: 13] يعنى الرحم: تمكن النطفة فى الرحم { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً } يقول: تحول الماء فصار دماً { فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً } يعنى فتحول الدم فصار لحماً مثل المضغة { فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ } يقول: خلقناه، { خَلْقاً آخَرَ } يعنى الروح ينفخ فيه بعد خلقه، " فقال عمر بن الخطاب، رضى الله عنه: قبل أن يتم النبى صلى الله عليه وسلم الآية: { تَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت يا عمر "

{ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [آية: 14] يقول: هو أحسن المصورين، يعني من الذين خلقوا التماثيل وغيرها التى لا يتحرك منها شىء { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ } الخلق بعد ما ذكر من تمام خلق الإنسان { لَمَيِّتُونَ } [آية: 15] عند آجالكم { ثُمَّ إِنَّكُمْ } بعد الموت { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } [آية: 16] يعنى تحيون بعد الموت.

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ } يعنى سموات غلظ كل سماء مسيرة خمس مائة عام، وبين كل سماء مسيرة خمس مائة عام { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } [آية: 17] يعنى عن خلق السماء وغيره { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } ما يكفيكم من المعيشة، يعنى العيون { فَأَسْكَنَّاهُ } يعنى فجعلنا { فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ } [آية: 18] فيغور فى الأرض، يعنى فلا يقدر عليه.

{ فَأَنشَأْنَا } يعنى فخلقنا { لَكُمْ بِهِ } بالماء { جَنَّاتٍ } يعنى البساتين { مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } [آية: 19]، ثم قال: { وَ } خلقنا { وَشَجَرَةً } يعنى الزيتون، وهو أول زيتونة خلقت { تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ } يقول: تنبت فى أصل الجبل الذى كلم الله، عز وجل، عليه موسى، عليه السلام، { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } يعنى تخرج بالذى فيه الدهن، يقول: هذه الشجرة تشرب الماء، وتخرج الزيت، فجعل الله، عز وجل، فى هذه الشجرة أدماً ودهناً { وَ } هى { وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } [آية: 20] وكل جبل يحمل الثمار، فهو سيناء يعنى الحسن.

{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ } يعنى الإبل والبقر والغنم { لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا } يعنى اللبن { وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ } يعنى فى ظهورها وألبانها وأوبارها وأصوافها وأشعارها { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } [آية: 21] يعنى من النعم، ثم قال: { وَعَلَيْهَا } يعنى الإبل { وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } [آية: 22] على ظهورها فى أسفاركم، ففى هذا الذى ذكر من هؤلاء الآيات عبرة فى توحيد الرب، عز وجل.