فقال سبحانه: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } يعنى كفار مكة { إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ } يعنى فى شك من البعث بعد الموت، فانظروا إلى بدء خلقكم { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } ولم تكونوا شيئاً { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } مثل الدم { ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ } يعنى من النطقة مخلقة { وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } يعنى السقط يخرج من بطن أمه مصوراً، وغير مصور { لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ } فلا يكون سقطاً { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } يقول: خروجه من بطن أمه ليعتبروا فى البعث، ولا يشكوا فيه أن الذى بدأ خلقكم، لقادر على أن يعيدكم بعد الموت. ثم قال سبحانه: { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ } من بطون أمهاتكم { طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ } ثمانى عشرة سنة إلى أربعين سنة { وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ } من قبل أن يبلغ أشده { ومِنكُمْ مَّن يُرَدُّ } بعد الشباب { إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } يعنى الهرم { لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ } كان يعلمه { شَيْئاً } فذكر بدء الخلق، ثم ذكر الأرض الميتة كيف يحيها ليعتبروا فى البعث، فإن البعث ليس بأشد من بدء الخلق، ومن الأرض حين يحيها من بعد موتها، فذلك قوله سبحانه: { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً } يعنى ميتة ليس فيها نبت يعنى متهشمة { فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ } يعنى المطر { ٱهْتَزَّتْ } الأرض، يعنى تحركت بالنبات، كقوله:{ تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ } [القصص: 31] أى تحرك كأنها حية. ثم قال للأرض: { وَرَبَتْ } يعنى وأضعفت النبات { وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [آية: 5] يعنى من كل صنف من النبات حسن. { ذٰلِكَ } يقول: هذا الذى فعل، هذا الذى ذكر من صنعه، يدل على توحيده بصنعه { بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } وغيره من الآلهة باطل { وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } فى الآخرة { وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آية: 6] من البعث وغيره قدير. { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ } يعنى لا شك { فِيهَا } أنها كائنة { وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ } فى الآخرة { مَن فِي ٱلْقُبُورِ } [آية: 7] من الأموات، فلا تشكوا فى البعث.