الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } * { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } * { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } * { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }

فذلك قوله عز وجل: { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ } يعنى وعد البعث أنه حق كائن { فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ } يعنى فاتحة { أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالبعث لا يطرفون مما يرون من العجائب، يعنى التى كانوا يكفرون بها فى الدنيا، قالوا: { يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } اليوم، ثم ذكر قول الرسل لهم فى الدنيا أن البعث كائن، فقالوا: { بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } [آية: 97] أخبرنا بهذا اليوم فكذبنا به.

{ إِنَّكُمْ } يعنى كفار مكة { وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } يعنى رمياً فى جهنم ترمون فيها { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [آية: 98] يعنى داخلون.

{ لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ } الأوثان { آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } يعنى ما دخلوها، يعنى جهنم، لامتنعت من دخولها { وَكُلٌّ } يعنى الأوثان ومن يعبدها { فِيهَا } يعنى فى جهنم { خَالِدُونَ } [آية: 99] نزلت فى بنى سهم، منهم: العاص بن وائل، والحارث وعدى ابنى قيس، وعبد الله بن الزبعرى بن قيس، وذلك " أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل المسجد الحرام، ونفر من بنى سهم جلوس فى الحطيم، وحول الكعبة ثلاث مائة وستون صنماً، فاشار بيده إليهم، فقال: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعنى الأصنام { حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [الأنبياء: 98، 99] إلى آيتين، ثم خرج فدخل ابن الزبعرى، وهم يخوضون فيما ذكر النبى صلى الله عليه وسلم لهم ولآلهتم، فقال: ما هذا الذى تخوضون؟ فذكروا له قول النبى صلى الله عليه وسلم، فقال الزبعرى: والله، لئن قالها بين يدى لأخصمنه. فدخل النبى صلى الله عليه وسلم من ساعته، فقال ابن الزبعرى: أهى لنا ولآلهتنا خاصة؟ أم لنا ولآلهتنا ولجميع الأمم ولآلهتهم؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم ولآلهتهم ". قال: خصمتك ورب الكعبة، ألست تزعم أن عيسى نبى، وتثنى عليه، وعلى أمه خيراً، وقد علمت أن النصارى يعبدونهما، وعزيز يعبد، والملائكة تعبد، فإن كان هؤلاء معنا قد رضينا أنهم معنا، فسكت النبى صلى الله عليه وسلم "

ثم قال سبحانه: { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } يعنى آخر نهيق الحمار { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } [آية: 100] الصوت، وذلك حين يقال لأهل النار: اخسئوا فيها ولا تكلمون، فصاروا بكماً وعمياً وصماً.

ثم استثنى ممن كان يعبد أنهم لا يدخلون جهنم، فقال سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } الجنة { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا } يعنى جهنم { مُبْعَدُونَ } [آية: 101] يعنى عيسى، وعزيراً، ومريم، والملائكة، عليهم السلام { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا } يقول: لا يسمع أهل الجنة صوت جهنم حين يقال لهم: اخسئوا فيها، ولا تكلموا، فتغلق عليهم أبوابها، فلا تفتح عنهم أبداً، ولا يسمع أحد صوتها.

{ وَهُمْ } يعنى هؤلاء { فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } [آية: 102] يعنى لا يموتون، فلما سمع بنو سهم بما استثنى الله، عز وجل، ممن يعبد من الآلهة، عزير، وعيسى، ومريم، والملائكة، قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: هلا استثنيت هؤلاء حين سألناك، فلما خلوت تفكرت.

السابقالتالي
2