الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } * { وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ } * { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ } * { وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }

{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } يعنى دعاء ربه، عز وجل، { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } يعنى أصابنى البلاء { وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [آية: 83].

{ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } دعاءه { فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ } فأحياهم الله، عز وجل: { وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } وكانت امرأة أيوب ولدت قبل البلاء سبع بنين وثلاث بنات، فأحياهم الله، عز وجل، ومثلهم معهم { رَحْمَةً } يقول: نعمة { مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } [آية: 84] يقول: وتفكرا للموحدين فأعطاه الله، عز وجل، مثل كل شىء ذهب له، يعنى أيوب، وكان أيوب من أعبد الناس فجهد إبليس ليزيله عن عبادة ربه، عز وجل، فلم يستطع.

{ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّابِرِينَ } [آية: 85] { وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا } يعنى فى نعمتنا وهى النبوة { إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } [آية: 86] يعنى من المؤمنين.

{ وَذَا ٱلنُّونِ } يعنى يونس بن متى، عليه السلام، { إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً } يعنى مراغماً لقومه، لحزقيل بن أجار، ومن معه من بنى إسرائيل، ففارقهم من غير أن يؤمنوا { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ } فحسب يونس أن لن نعاقبه بما صنع { فَنَادَىٰ } يقول: فدعا ربه { فِي ٱلظُّلُمَاتِ } يعنى ظلمات ثلاث ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، فنادى: { أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ } يوحد ربه، عز وجل: { سُبْحَانَكَ } نزه تعالى أن يكون ظلمه، ثم أقر على نفسه بالظلم، فقال: { إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 87] يقول يونس عليه السلام: إنى ظلمت نفسى.

{ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } دعاءه { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ } يعنى من بطن الحوت { وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } [آية: 88] قال أبو محمد: قال أبو العباس ثعلب: قال الفراء: أن لن نقدر عليه. ونقدر عليه، لمعنى واحد، وهو من قوله قدرت الشىء، لا قدرت، معناه من التقدير لا من القدر، ومثله فى سورة الفجر:فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } [الفجر: 16] من التقدير، والتقتير، لا من القدرة، بلغنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " مكث يونس، عليه السلام، فى بطن الحوت ثلاثة أيام " وعن كعب قال: أربعين يوماً.

{ وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } يعنى دعا ربه فى آل عمران، وفى مريم، قال: { رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً } يعنى وحيداً، وهب لى ولياً يرثنى { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ } [آية:89] يعنى أنت خير من يرث العباد.

{ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } دعاءه { وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } يعنى امرأته فحاضت، وكانت لا تحيض من الكبر { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } يعنى أعمال الصالحات، يعنى زكريا وامرأته { وَيَدْعُونَنَا رَغَباً } فى ثواب الله، عز وجل، { وَرَهَباً } من عذاب الله، عز وجل، { وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ } [آية: 90] يعنى لله سبحانه متواضعين.

{ وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } من الفواحش، لأنها قذفت، وهى مريم بنت عمران، أم عيسى، صلى الله عليهما، { فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا } نفخ جبريل، عليه السلام، فى جيبها، فحملت من نفخة جبريل بعيسى، صلى الله عليهم، { وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ } عيسى، صلى الله عليه، { آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } [آية: 91] يعنى عبرة لبنى إسرائيل، فكانا آية إذ حملت مريم، عليها السلام، من غير بشر، وولدت عيسى من غير أب، صلى الله عليه.