الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } * { أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } * { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ }

{ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ } يعنى من الملائكة { إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ } يعنى من دون الله عز وجل { فَذٰلِكَ } يعنى فهذا الذى يقول: إنى إله من دونه { نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 29] النار حين زعموا أن مع الله، عز وجل، إلهاً، ولم يقل ذلك أحد من الملائكة غير إبليس عدو الله رأس الكفر.

{ أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } يقول: أو لم يعلم الذين كفروا من أهل مكة { أَنَّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً } يعنى ملتزقين، وذلك أن الله تبارك وتعالى أمر بخار الماء فارتفع، فخلق منه السموات السبع، فأبان إحداهما من الأخرى، فذلك قوله: { فَفَتَقْنَاهُمَا } ثم قال سبحانه: { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } يقول: وجعلنا الماء حياة كل شىء يشرب الماء { أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } [آية: 30] يقول: أفلا يصدقون بتوحيد الله عز وجل مما يرون من صنعه.

{ وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ } يعنى الجبال أرسيت فى الأرض، فأثبتت الأرض بالجبال { أَن تَمِيدَ بِهِمْ } لئلا تزول الأرض بهم { وَجَعَلْنَا فِيهَا } يعنى فى الجبال { فِجَاجاً } يعنى كل شعب فى جبل فيه منذ { سُبُلاً } يعنى طرقاً { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } [آية: 31] يقول: لكى يعرفوا طرقها.

{ وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً } يعنى المرفوع { مَّحْفُوظاً } من الشياطين لئلا يسمعوا إلى كلام الملائكة، فيخبروا الناس، { وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا } يعنى الشمس والقمر والنجوم وغيرها { مُعْرِضُونَ } [آية: 32] فلا يتفكرون فيما يرون من صنعه، عز وجل، فيوحدونه.

{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [آية: 33] يقول: يدخلان من قبل المغرب فيجريان تحت الأرض حتى يخرجا من قبل المشرق، ثم يجريان فى السماء إلى المغرب، فذلك قوله سبحانه: { كُلٌّ } يعنى الشمس والقمر { فِي فَلَكٍ } يعنى فى دوران { يَسْبَحُونَ } يعنى يجرون، فذلك دورانهما.

{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ } وذلك أن قوماً قالوا: إن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يموت، فأنزل الله عز وجل: { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ } يعني لنبي من الأنبياء { مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ } فى الدنيا فلا يموت فيها، بل يموتون، فلما نزلت هذه الآية، قال النبى صلى الله عليه السلام: لجبريل عليه السلام " فمن يكون فى أمتى من بعدى " ، فأنزل الله عز وجل: { أَفَإِنْ مِّتَّ } يعنى محمداً صلى الله عليه وسلم { فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ } [آية: 34] فإنهم يموتون أيضاً.