الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } * { وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } * { قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } * { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } * { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } * { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } * { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } * { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً }

{ أَفَلاَ } يعنى أفهلا { يَرَوْنَ أَلاَّ } أنه { يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً } أنه لا يكلمهم العجل { وَلاَ يَمْلِكُ } يقول: لا يقدر: { لَهُمْ ضَرّاً } يقول: لا يقدر العجل على أن يرفع عنهم سوءاً { وَلاَ نَفْعاً } [آية: 89] يقول: ولا يسوق إليهم خيراً.

{ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ } أن يأتيهم موسى من الطور { يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ } يعنى ابتليتم بالعجل { وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي } على دينى { وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } [آية: 90] يعنى قولى.

{ قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ } قالوا لن نبرح على العجل واقفين نعبده، كقوله سبحانه:لاۤ أَبْرَحُ } يعنى لا أزالحَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ } [الكهف: 60] { حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } [آية: 91].

فلما رجع موسى { قَالَ } لهارون: { يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } [آية: 92] يعنى أشركوا { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } يقول ألا اتبعت أمرى فأنكرت عليهم { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } [آية: 93] يقول افتركت قولى، كقوله سبحانه:وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } [الشعراء: 151].

{ قَالَ } هارون لموسى عليهما السلام: { يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } فإنى لو أنكرت لصاروا حزبين يقتل بعضهم بعضا و { إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } [آية: 94] يقول: ولم تحفظ وصيتى فى الأعراف قوله سبحانه لهارون:ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ } [الأعراف: 142] وكان هارون أحب بنى إسرائيل من موسى، صلى الله عليهما، ولقد سمت بنو إسرائيل على اسم هارون سبعين ألفاً من حبه، عليه السلام.

{ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ } يعنى فما أمرك؟ { يٰسَامِرِيُّ } [آية: 95] يقول: فما حملك على ما أرى { قَالَ } السامرى: { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ } يقول: بما لم يفطنوا به يقول: عرفت ما لم يعرفوه من أمر فرس جبريل، عليه السلام، { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ } فرس { ٱلرَّسُولِ } يعنى تحت فرس جبريل، عليه السلام، { فَنَبَذْتُهَا } فى النار على أثر الحلى { وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } [آية: 96] يقول: هكذا زينت لى نفسى أن أفعل ذلك { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ } إلى أن تموت { أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } يعنى لا تخالط الناس { وَإِنَّ لَكَ } فى الآخرة { مَوْعِداً } يعنى يوم القيامة { لَّن تُخْلَفَهُ } يقول: لن تغيب عنه { وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ } يعنى العجل { ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً } يقول: أقمت عليه عابداً له { لَّنُحَرِّقَنَّهُ } بالنار وبالمبرد { ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً } [آية: 97] يقول: لننبذنه فى اليم نبذاً.