الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ } * { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ } * { فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } * { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } * { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } * { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } * { قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } * { فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } * { قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } * { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } * { قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } * { قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ } * { إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ }

{ فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ } يقول: أعرض فرعون عن الحق الذى دعى إليه { فَجَمَعَ كَيْدَهُ } يعنى سحرته { ثُمَّ أَتَىٰ } [آية: 60] { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } لقولهم: إن اليد والعصا ليستا من الله، عز وجل، { وإنها سحر { فَيُسْحِتَكُم } يعنى فهلككم جميعاً { بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ } يعنى وقد خسر { مَنِ ٱفْتَرَىٰ } [آية: 61] وقال الكذب على الله عز وجل.

{ فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } يعنى اختلفوا فى قولهم بينهم نظيرها فى الكهف:إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } [الكهف: 21]، { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } [آية: 62] من موسى وهارون، عليهما السلام.

فنجواهم أن { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ } يعنى أرض مصر { بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } [آية: 63] يقول: يغلبانكم على الرجال والأمثال، جمع أمثل، وهو الممتاز من الرجال، من أهل العقول والشرف، فيتبعون موسى وهارون، ويتركون فرعون.

{ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ } يعنى سحركم، هذا قول فرعون لوجوه سحرة قومه { ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً } يعنى جميعاً { وَقَدْ أَفْلَحَ } يعنى وقد سعد { ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } [آية: 64] يعنى من غلب.

{ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ } عصاك من يدك { وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ } نحن { أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } [آية: 65].

{ قَالَ بَلْ أَلْقُواْ } فلما ألقوا { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ } يعنى إلى موسى { مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } [آية: 66] وكانت حبالاً وهى لا تتحرك.

{ فَأَوْجَسَ } يعنى فوقع { فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } [آية: 67] يعنى خاف موسى إن صنع القوم مثل صنعه أن يشكوا فيه فلا يتبعوه، ويشك فيه من تابعه { قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } [آية: 68] يعنى الغالب نظيرهاوَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } [آل عمران: 139، محمد: 35] الغالبون، هذا قول جبريل لموسى، عليه السلام، عن أمر ربه، عز وجل، وهو على يمينه تلك الساعة.

{ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ } يعنى عصاه، ففعل، فإذا هى حية { تَلْقَفْ } يقول: تلقم { مَا صَنَعُوۤاْ } من السحر حتى تلقمت الحبال والعصى { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ } يقول: إن الذى عملوا هو عمل ساحر، يعنى كبيرهم، وما صنع موسى فليس بسحر { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } [آية: 69] أينما كان الساحر فلا يفلح.

{ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً } لله تبارك وتعالى، وكانوا ثلاثة وسبعين ساحراً أكبرهم اسمه شمعون، فلما التقمت الحبال والعصى ألقاهم الله، عز وجل، على وجوههم سجداً { قَالُوۤاْ آمَنَّا } يعنى صدقنا { بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } [آية: 70].

{ قَالَ } فرعون: { آمَنتُمْ لَهُ } يعنى صدقتم لموسى { قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ } يقول: قبل أن آمركم بالإيمان لموسى { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ } يعنى لعظيمكم فى السحر، هو { ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } يعنى اليد اليمنى والرجل اليسرى { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } مثل قوله تعالى:أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ... } [الطور: 38] يعنى عليه { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } [آية: 71] أنا أو ورب موسى وهارون { وَأَبْقَىٰ } وأدوم عذاباً.

السابقالتالي
2