الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } * { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } * { قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } * { قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } * { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } * { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } * { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ } * { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } * { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى }

{ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ } فى الآخرة، { عَلَىٰ مَن كَذَّبَ } بتوحيد الله، عز وجل { وَتَوَلَّىٰ } [آية: 48] يعنى وأعرض عنه.

{ قَالَ } فرعون: { فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } [آية: 49] { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ } من الدواب { خَلْقَهُ } يعنى صورته التى تصلح له { ثُمَّ هَدَىٰ } [آية: 50] يقول: هداه إلى معيشته ومرعاه، فمنها ما يأكل الحب، ومنها ما يأكل اللحم.

{ قَالَ } فرعون: يا موسى { فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } [آية: 51] يقول: مؤمن آل فرعون فى حم المؤمن:يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } [غافر: 30، 31] فى الهلاك، فلما سمع ذلك فرعون من المؤمن، قال لموسى: { فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } فلم يعلم موسى ما أمرهم؟ لأن التوراة إنما أزلت على موسى، عليه السلام، بعد هلاك فرعون وقومه.

فمن ثم رد عليه موسى: فـ { قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ } يعنى اللوح المحفوظ { لاَّ يَضِلُّ رَبِّي } يعنى لا يخطئ ذلك الكتاب ربى { وَلاَ يَنسَى } [آية: 52] ما فيه، فلما أنزل الله، عز وجل، عليه التوراة أعلمه، وبين له فيها القرون، الأولى.

ثم ذكر موسى، عليه السلام، صنع الله، عز وجل، ليعتبر به فرعون، فقال: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } يعنى فراشاً { وَسَلَكَ لَكُمْ } يعنى وجعل لكم { فِيهَا سُبُلاً } يعنى طرقاً فى الأرض { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ } يعنى بالمطر { أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } [آية: 53] من الأرض يعنى مختلفاً من كل لون من النبت منها للدواب، ومنها للناس.

{ كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ } يعنى فيما ذكر من هذه الآية { لآيَاتٍ } يعنى لعبرة { لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } [آية: 54] يعنى لذوى العقول فى توحيد الله، عز وجل، هذا قول موسى، عليه السلام، لفرعون.

ثم قال الله عز وجل: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } يعنى أول مرة خلقكم من الأرض، من التراب الذى ذكر فى هذه الآية التى قبلها { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } إذا متم { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ } يوم القيامة أحياء بعد الموت { تَارَةً أُخْرَىٰ } [آية: 55] يعنى مرة أخرى.

{ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا } يعنى فرعون، الآيات السبع: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمس، والسنين، والعصا، واليد، { فَكَذَّبَ } بها، بأنها ليست من الله، عز وجل، { وَأَبَىٰ } [آية: 56] أن يصدق بها، وزعم أنها سحر.

{ قَالَ } فرعون لموسى: { أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } [آية: 57] اليد والعصا { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ } يعنى بمثل سحرك { فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } يعنى وقتاً { لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } [آية: 58] يعنى ميقاتاً، يعنى عدلاً كقوله سبحانه:أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ } [طه: 135] يعنى العدل.

{ قَالَ } موسى لفرعون: { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } يعنى يوم عيد لهم فى كل سنة واحد، وهو يوم النيروز { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } [آية: 59] يعنى نهاراً فى اليوم الذى فيه العيد، مثل قوله:بَأْسُنَا ضُحًى } [الأعراف: 98] يعنى نهاراً، وبعث فرعون شرطة فحشرهم للميعاد.