الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } * { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } * { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } * { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }

{ وَهَلْ أَتَاكَ } يقول: وقد جاءك { حَدِيثُ مُوسَىٰ } [آية: 9].

{ إِذْ رَأَى نَاراً } ليلة الجمعة في الشتاء بأرض المقدسة، { فَقَالَ لأَهْلِهِ } يعني امرأته وولده { ٱمْكُثُوۤاْ } مكانكم { إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً } يعني إنى رأيت ناراً، وهو نور رب العالمين، تبارك وتعالى: { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ } فأقتبس النار لكى تصطلون من البرد { أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } [آية: 10] يعني من يرشدني إلى الطريق، وكان موسى، عليه السلام، قد تحير ليلاً وضل الطريق، فلما انتهى إليها سمع تسبيح الملائكة، ورأى نوراً عظيماً فخاف، وألقى الله، عز وجل، عليه السكينة.

{ فَلَمَّآ أَتَاهَا } انتهى إليها { نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } [آية: 11].

{ إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ } من قدميك وكانتا من جلد حمار ميت غير ذكى، فخلعهما موسى، عليه السلام، وألقاهما من وراء الوادى { إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ } يعني بالوادى المطهر { طُوًى } [آية: 12] وهو اسم الوادى.

{ وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ } يا موسى للرسالة { فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } [آية: 13] يعني للذى يوحى إليك. والوحى ما ذكر الله، عز وجل: { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ }.

حدثنا عبيد الله، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا الهذيل، عن مقاتل، عن علقمة بن مرثد، عن كعب: أن موسى، عليه السلام، كلمه ربه مرتين، ورأى محمد، صلى الله عليه وسلم ربه، جل جلاله، مرتين، وعصى آدم، عليه السلام، ربه تعالى، مرتين.

حدثنا عبيد الله، قال: وحدثنى أبى، عن الهذيل، عن حماد بن عمرو النصيبى، عن عبد الحميد بن يوسف، قال صياح الدراج: " الرحمن على العرش استوى ".

حدثنا عبيد الله، قال: حدثنى أبى، عن الهذيل، عن صيفى بن سالم، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، في قوله، عز وجل: { أَكَادُ أُخْفِيهَا } قال: أخفيها من نفسى، قال هذيل: ولم أسمع مقاتلا.

قوله سبحانه: { فَٱعْبُدْنِي } يعني فوحدنى، فإنه ليس معى إله، ثم قال تعالى: { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } [آية: 14] يقول: لتذكرنى بها، يا موسى.

ثم استأنف { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ } يقول: إن الساعة جائية لا بد { أَكَادُ أُخْفِيهَا } من نفسى في قراءة ابن مسعود، فكيف يعلمها أحد، وقد كدت أن أخفيها من نفسى، لئلا يعلمها مخلوق { لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ } يقول سبحانه: الساعة آتية لتجزى كل نفس بر وفاجر { بِمَا تَسْعَىٰ } [آية: 15] إذا جاءت الساعة يعني بما تعمل في الدنيا.

{ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا } يا محمد، يعني عن إيمان بالساعة { مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا } يعني من لا يصدق بها أنها كائنة { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: { فَتَرْدَىٰ } [آية: 16] يعني فتهلك إن صدوك عن الإيمان بالساعة، فيها تقديم.