الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } * { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ }

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } ، يقول: أعطينا موسى التوراة، { وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ } ، يقول: وأتبعنا من بعد موسى { بِٱلرُّسُلِ } إلى قومهم، { وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ } ، يقول: وأعطينا عيسى ابن مريم العجائب التى كان يصنعها من خلق الطير، وإبراء الأكمه والأبرص، وأحياء الموتى بإذن الله، ثم قال سبحانه: { وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } ، يقول: وقوينا عيسى بجبريل، عليهما السلام، فقالت اليهود عند ذلك: فجئنا يا محمد بمثل ما جاء به موسى من الآيات كما تزعم، يقول الله عز وجل: { أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ } ، يعنى اليهود، { ٱسْتَكْبَرْتُمْ } ، يعني تكبرتم عن الإيمان برسولى، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، { فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ } ، يعنى طائفة من الأنبياء كذبتم بهم، منهم عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، { وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } [آية: 87]، يعني وطائفة قتلتموهم، منهم زكريا، ويحيى، والأنبياء أيضاً، فعرفوا أن الذى قال لهم النبى صلى الله عليه وسلم حق فسكتوا.

{ وَقَالُواْ } للنبى صلى الله عليه وسلم: { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } ، يعنى فى غطاء، ويعنون فى أكنة عليها الغطاء، فلا تفهم ولا تفقه ما تقول يا محمد، كراهية لما سمعوا من النبى صلى الله عليه وسلم من قوله: " إنكم كذبتم فريقاً من الأنبياء وفريقاً قتلتم " ، فإن كنت صادقاً فأفهمنا ما تقول، يقول الله عز وجل: { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } فطبع على قلوبهم، { فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } [آية: 88]، يعنى بالقليل بأنهم لا يصدقون بأنه من الله، وكفروا بما سواه مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله عز وجل فى النساء:فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء: 155]، وإنما سمى اليهود من قبل يهوذا بن يعقوب.