الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ٱهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

{ وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } ، وهم فى التيه، قالوا: من أين لنا شراب نشرب؟ فدعا موسى، عليه السلام، ربه أن يسقيهم، فأوحى الله عز وجل إلى موسى، عليه السلام: { فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ } ، وكان الحجر خفيفاً مربعاً، فضربه، { فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ } من الحجر { ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً } ، فرووا بإذن الله عز وجل، وكانوا اثنى عشر سبطاً، لكل سبط من بنى إسرائيل عين تجرى على حدة، لا يخالطهم غيرهم، فذلك قوله سبحانه: { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ } ، يعنى كل سبط مشربهم، يقول الله عز وجل: { كُلُواْ } من المن والسلوى، { وَٱشْرَبُواْ } من العيون، وهو { مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ } حلالاً طيباً، فذلك قوله سبحانه:كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } ، يقول: لا تعلوا ولا تسعوا فى الأرض { مُفْسِدِينَ } [آية: 60]، يقول: لا تعملوا فى الأرض بالمعاصى، فرفعوا من المن والسلوى لغد، فذلك قوله سبحانه:وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ } [طه: 81]، يقول: لا ترفعوا منه لغد، وكان موسى صلى الله عليه وسلم إذا ظعن حمل الحجر معه، وتنصب العيون منه.

ثم إنهم قالوا: يا موسى، فأين اللباس؟ فجعلت الثياب تطول مع أولادهم، وتبقى على كبارهم، ولا تمزق ولا تبلى ولا تدنس، وكان لهم عمود من نور يضىء لهم بالليل إذا ارتحلوا وغاب القمر، فلما طال عليهم المن والسلوى، سألوا موسى نبات الأرض، فذلك قوله عز وجل { وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَىٰ } فى التيه { لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ } ، يعنى المن والسلوى، { فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا } ، يعنى الثوم، { وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا } ، فغضب موسى، عليه السلام، { قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ } ، يقول: الذى هو دون المن والسلوى من نبات الأرض { بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ } ، يعنى المن والسلوى، فقال موسى: { ٱهْبِطُواْ مِصْراً } من الأمصار، { فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ } من نبات الأرض، { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } ، يعنى على اليهود الذلة، وهى الجزية، { وَٱلْمَسْكَنَةُ } ، يعنى الفقر، { وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ } ، يعنى استوجبوا غضب الله عز وجل، { ذَلِكَ } الذل والمسكنة الذى نزل بهم { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } ، يعنى القرآن، { وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } [آية: 61] فى أديانهم.