الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ } ، وهو نمروذ بن كنعان بن ريب بن نمروذ ابن كوشى بن نوح، وهو أول من ملك الأرض كلها، وهو الذى بنى الصرح ببابل، { أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ } ، يقول: أن أعطاه الله { ٱلْمُلْكَ } ، وذلك أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم: حين كسر الأصنام سجنه نمروذ، ثم أخرجه ليحرقه بالنار، فقال لإبراهيم، عليه السلام: من ربك { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } ، وإياه أعبد ومنه أسأل الخير، { قَالَ } نمروذ { أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ } ، قال له إبراهيم: أرنى بيان الذى تقول، فجاء برجلين فقتل أحدهما، واستحيا الآخر، وقال: كان هذا حياً فأمته وأحييت هذا ولو شئت قتلته، { قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ } الجبار { ٱلَّذِي كَفَرَ } بتوحيد الله عز وجل، يقول: بهت نمروذ الجبار، فلم يدر ما يرد على إبراهيم.

ثم إن الله عز وجل سلط على نمروذ بعوضة، بعدما أنجا الله عز وجل إبراهيم من النار، فعضت شفته، فأهوى إليها فطارت فى منخره، فذهب ليأخذها فدخلت خياشيمه، فذهب يستخرجا، فدخلت دماغه، فعذبه الله عز وجل بها أربعين يوماً، ثم مات منها، وكان يضرب رأسه بالمطرقة، فإذا ضرب رأسه سكنت البعوضة، وإذا رفع عنها تحركت، فقال الله سبحانه: وعزتى وجلالى لا تقوم الساعة حتى آتى بها، يعنى الشمس من قبل المغرب، فيعلم من يرى ذلك أنى أنا الله قادر على أن أفعل ما شئت، ثم قال سبحانه: { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 258] إلى الحجة، يعنى نمروذ، مثلها فى براءة:وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [التوبة: 19] إلى الحجة.