{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ } ، وذلك أن معاذ بن جبل وسعد بن معاذ، وحارثة بن زيد، سألوا اليهود عن أمر محمد صلى الله عليه وسلم وعن الرجم وغيره فكتموهم، يعنى اليهود، منهم: كعب ابن الأشرف، وابن صوريا، { مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } ، يعنى ما بين الله عز وجل فى التوراة، يعنى الرجم والحلال والحرام، { وَٱلْهُدَىٰ } ، يعنى أمر محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة، فكتموه الناس، يقول الله سبحانه: { مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ } ، يعنى أمر محمد صلى الله عليه وسلم، { لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ } ، يعنى لبني إسرائيل فى التوراة، وذلك قوله سبحانه فى العنكبوت:{ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } أى بمحمد صلى الله عليه وسلم{ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ } [العنكبوت: 49]، يعنى المكذبون بالتوراة، وهم { أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } [آية: 159]، وذلك أن الكافر يضرب فى قبره فيصيح ويسمع صوته الخليقة كلهم، غير الجن والإنس، فيقولون: إنما كان يحبس عنا الرزق بذنب هذا، فتلعنهم الخليقة، فهم اللاعنون. ثم استثنى مؤمني أهل التوراة، فقال سبحانه: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } من الكفر { وَأَصْلَحُواْ } العمل { وَبَيَّنُواْ } أمر محمد صلى الله عليه وسلم للناس، { فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } ، يعنى أتجاوز عنهم، { وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [آية: 160]، ثم ذكر من مات من اليهود على الكفر، فقال: { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَ } لعنة { ٱلْمَلاۤئِكَةِ وَ } لعنة { ٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [آية: 161]، يعنى المؤمنين جميعاً، { خَالِدِينَ فِيهَا } ، يعنى فى اللعنة واللعنة النار، { لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } [آية: 162]، لا يناظر بهم حتى يعذبوا. ثم قال لأهل الكتاب: { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } ، يقول: ربكم رب واحد، فوحد نفسه تبارك اسمه، { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } [آية: 163].